فصل :
في أنّ الأمر بالفعل ثانيا بعد الأمر به أوّلا وقبل امتثال الأمر الأوّل هل يكون تأكيدا أو تأسيسا؟
والاحتمالات العقليّة في هذه المسألة أربعة ، لأنّ الأمر بالطبيعة الواحدة إمّا أن يكون في كلّ مرّة معلّقا على أمر غير ما علّق عليه في مرّة أخرى ، أو يكون مرّة معلّقا وأخرى غير معلّق على شيء ، أو يكون في كلتا المرّتين معلّقا (١) ، أو يكون كذلك (٢) مطلقا.
ويقع البحث عن الصورة الأولى عند التكلّم في المفاهيم في مقام البحث عن تداخل الأسباب ، وعن الثانية في بحث المطلق والمقيّد غير المتنافيين.
فالبحث هاهنا عن الصورتين الأخريين ، فلو وصلت النوبة إلى الأصول العمليّة فمقتضى القاعدة هي البراءة عن إيجاد الطبيعة مرّة ثانية ، والكلام في أنّه هل تصل النوبة إلى الأصل العمليّ أو لا؟
فنقول : لا إشكال في أنّ مقتضى إطلاق المادّة هو التأكيد ، لأنّ إطلاقها من جميع الجهات حتّى من التقييد بالمرّة الثانية يقتضي أن يكون صرف وجود الطبيعة غير مقيّد بقيد حتّى تعدّد المطلوب ، إذ لو كان المطلوب مرّتين يجب تقييد الأمر الثاني بما يفيد هذا المعنى ، كأن يقول : «افعل مرّة أخرى» وحيث لم يقيّد فمقتضى الإطلاق عدم اعتبار ذلك ، وهذا هو معنى التأكيد. ومقتضى
__________________
(١) هذا في صورة وحدة المعلّق عليه.
(٢) أي : في كلتا المرّتين.