الانتزاعي بمنشإ انتزاعه حقيقة ـ وإن كانت مسلّمة إلّا أنّ تطبيقها على المقام غير تامّ ، وذلك لأنّ مثل السبق واللحوق والتقدّم والتأخّر من العناوين الانتزاعيّة إنّما ينتزع من نفس السابق واللاحق والمتقدّم والمتأخّر ، وكذلك الفوقيّة والتحتيّة ، فالشيء بكونه في مكان عال بالنسبة إلى شيء آخر يكون فوقا ، وينتزع عنه الفوقيّة ، ويكون الأمر بإيجاد الفوقيّة أمرا بإيجاد ذات يكون فوقا ، وعلى هذا فقس التحتيّة والسبق واللحوق وغير ذلك من العناوين الانتزاعيّة ، فذات القيد في المقام ليس منشأ لانتزاع التقيّد ، بل منشؤه على ما بيّنّاه هو ذات الأمر المتقيّد به ، وإنّما القيد طرف الإضافة ، فالشرط للمأمور به ليس منشأ لانتزاع ذلك العنوان الانتزاعي كي ينبسط الأمر بالمركّب عليه أيضا.
هذا ، مضافا إلى ما تقدّم منه في تقسيم المقدّمة إلى الداخليّة والخارجيّة من أنّ الشروط الشرعيّة داخلة في المأمور به من حيث التقيّد وخارجة عنه من حيث أنفسها ، وهذا تصريح منه بأنّ ذوات الشروط الشرعيّة ليست متعلّقة للأمر.
هذا تمام الكلام في الشرط المتأخّر ، وقد ظهر لك جوازه في الشرعيّات بالنسبة إلى التكليف والوضع والمأمور به.
نعم ، الالتزام به في مقام الإثبات يحتاج إلى الدليل.
الأمر الثالث : في تقسيمات الواجب ، ومنها تقسيمه إلى المطلق والمشروط ، والكلام في شرح حقيقة القسمين كما ذكر في المتن (١) ، فلا حاجة إلى التعرّض لذلك ، وإنّما المهمّ في المقام هو التعرّض لما يرجع إليه الشرط في الجملة الشرطيّة وتحقيق ما هو المشروط به ، وفي ذلك وجوه ثلاثة :
__________________
(١) أي : متن الكفاية.