الرابع : لا شبهة في خروج العبادة الفعليّة ـ أي ما امر [به] لأجل التعبّد به فعلا ـ عن محلّ النزاع ، إذ العبادة بهذا الوصف لا يعقل فسادها وتعلّق النهي بها ، فلا بدّ أن يكون المراد بها إمّا العبادة الذاتيّة ، كالسجود والركوع والخضوع والخشوع للمولى ، أو ما لو أمر به لكان عبادة ، أي كسائر أمثاله من عدم تحقّق الامتثال بدون قصد القربة.
مثلا : صلاة الحائض أو ستّ ركعات لو كانت مأمورا بها ، لكانت عبادة محتاجة إلى قصد القربة في تحقّق الامتثال ، كما في صلاة ذات الركعات الأربع وغير الحائض.
هذا بالنسبة إلى العبادات ، أمّا المعاملات : فالظاهر دخول ما كان اعتبار الشارع إيّاه متوقّفا على سبب الإنشاء أو غيره ، عقدا كان أو إيقاعا [في محل النزاع].
مثلا : قوله صلىاللهعليهوآله : في الخمر : «لعن الله شاربها وبائعها وغارسها» (١) إلى آخره ، الدالّ على حرمة بيع الخمر هل يكون مانعا من إطلاق (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٢) و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٣) بالنسبة إلى بيع الخمر أم لا؟ وقد ذكر هذا من باب المثال ، وإلّا فبطلان بيع الخمر من المسلّمات في الفقه. وكذا الكلام في الإيقاعات.
وأمّا المعاملات بالمعنى الأعمّ : فلو كان النهي فيها إرشاديّا ، فلا يدخل تحت النزاع ، لما سبق من أنّ النواهي الإرشاديّة تدلّ على الفساد بالمطابقة ، وهذا كالأدلّة الدالّة على المنع من الاستنجاء بالعظم والروث ، وأمّا لو لم يكن
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٤ ـ ١ ، الوسائل ١٧ : ٢٢٤ ، الباب ٥٥ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٥.
(٢) البقرة : ٢٧٥.
(٣) المائدة : ١.