للإرشاد ـ كما في النهي عن الغصب ـ فلا ريب في عدم دلالته على الفساد ، إذ لا يتوهّم أحد أنّ من أراد تطهير نعله بالمشي في الأراضي المغصوبة ومشى ، فلا تطهر ، لدلالة نهي «لا تغصب» على فساد التطهير ، ومن هنا قال بعض الأعاظم : لو استنجى أحد ببعض المحترمات ـ ككلام الله المجيد ـ العياذ بالله ـ أو ما فيه اسم الله تعالى والأنبياء عليهمالسلام ـ يطهر من النجاسة الخبثيّة ، ويبتلى بالنجاسة الكفريّة.
وبالجملة ، لا شبهة في عدم دلالة النهي التحريميّ المولويّ على الفساد في المعاملات بالمعنى الأعمّ ، فتعميم النزاع للمعاملات بالمعنى الأعمّ ـ كما في الكفاية في آخر الأمر الخامس (١) ـ لا وجه له.
السادس : لا يخفى أنّ الاتّصاف بالصحّة والفساد في الأمور الاعتباريّة باعتبار غيره في الأمور الخارجيّة ، فإنّ الاتّصاف في الأمور الخارجيّة باعتبار الآثار المطلوبة ، فيقال : «هذا الدواء صحيح» أي يترتّب الأثر عليه ، و «هذا فاسد» أي لا يترتّب الأثر عليه. ومنه إطلاق الصحّة والفساد على الخمر ، كما في الرواية الواردة فيمن أخذ الخمر عوضا عن دينه حيث قال عليهالسلام : «أفسدها» (٢). وبالجملة هما في الأمور الخارجيّة بمعنى ترتيب الأثر وعدمه.
وأمّا في المعاملات : فحيث إنّ المترتّب عليها هو الحكم الشرعيّ ، أي اعتبار الملكيّة ـ مثلا ـ وعدمه ، ومن الواضح أنّه ليس من آثار العقد الصحيح أو الفاسد ، إذ لا يعقل تأثير الأمر الخارجي في اعتبار الشارع ، بل ليس هنا علّيّة ومعلوليّة واقتضاء أبدا ، بل العقد الموجود في الخارج موضوع لحكم الشارع
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢١٩ ـ ٢٢٠.
(٢) التهذيب ٩ : ١١٨ ـ ٥٠٨ ، الاستبصار ٤ : ٩٣ ـ ٣٥٨ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧١ ، الباب ٣١ من أبواب الأشربة المحرّمة ، الحديث ٦.