وعدمها بعد دخوله في السورة ، فبحكم قاعدة التجاوز يمضي في صلاته ، ولا شيء عليه ، وحينئذ نقول : إنّ مقتضى قوله عليهالسلام : «لا تعاد الصلاة» (١) إلى آخره ، أنّه لو تيقّن في الركوع أو بعد الصلاة بعدم الإتيان ، فلا يجب عليه الإعادة أو القضاء ، ومقتضى دليل الجزئيّة وجوب الإعادة ، فهذان الدليلان متهافتان لا بدّ من رفع اليد عن أحدهما ، لكن دليل «لا تعاد» حيث إنّه حاكم على دليل الجزئيّة ترفع اليد عن دليل الجزئيّة ، ونقول : إنّ جزئيّة الفاتحة إنّما تكون فيما إذا تذكّر قبل الركوع ، أمّا بعده فلا تكون جزءا أصلا.
فتلخّص ممّا ذكرنا أنّ الصحّة والفساد أمران انتزاعيّان بالنسبة إلى الأمر الواقعي مطلقا ، وبالنسبة إلى الأمر الظاهري فكذلك في المعاملات ، ولكنّه في العبادات أمران مجعولان للشارع.
وبعد ذلك يقع الكلام في تأسيس الأصل في المقام.
فنقول : أمّا الأصل في المسألة الأصوليّة فغير موجود ، إذ لو كان النزاع لفظيّا فدلالة النهي (٢) على الفساد لو كانت لكانت أزليّة ، ولو لم تكن فلم تكن كذلك ، وهكذا الحال لو كان النزاع عقليّا ، إذ الملازمة بين الحرمة والفساد لو كانت لكانت أزليّة أبديّة ، فليست الدلالة أو الملازمة حادثة حتّى تكون مسبوقة بالعدم فتستصحب.
وأمّا في المسألة الفرعيّة فالكلام متمحّض فيما إذا كانت العبادة أو
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٨١ ـ ٨٥٧ و ٢٢٥ ـ ٩٩١ ، الوسائل ٦ : ٩١ ، الباب ٢٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ٥.
(٢) أقول : دلالة النهي على الفساد حيث إنّها مسبوقة بالعدم قطعا وبعد الوضع مشكوكة حدوثا لا مانع من إجراء الاستصحاب على القول بجريانه في الأعدام الأزليّة ، وهو ـ دام ظلّه ـ بنى على ذلك في بعض مباحثه السابقة ، وأزليّة الدلالة لو كانت وعدمها لو لم تكن ممنوعة ، لأنّها تابعة للوضع والوضع ليس بأزلي. نعم ، في الملازمة العقليّة كذلك. (م).