بسورة أخرى غيرها ما أتى بالزائد وما فعل فعلا متّصفا بصفة الزيادة ، إذ قبل إتيان السورة الثانية لم تتّصف الأولى بصفة الزيادة ، وإنّما اتّصفت بعده ، فحين الإتيان بالأولى ما أتى بالزائد وحين الإتيان بالثانية أيضا كذلك.
نعم ، بإتيان الثانية تحقّق وصف الزيادة في الأولى فهو فعل فعلا موجبا لاتّصاف فعل آخر بالزيادة. وبعبارة أخرى : أوجد وصف الزيادة لا الزائد ، وهذا نظير ما إذا قرأ ـ في القراءة ـ كلمة «الحمد» بقصد الجزئيّة ، فإذا وصل إلى الميم ، قطعها ، يعني لم يأت بالدال ، فقال : «الحم» ثمّ أتى بتمامها ثانيا ، حيث إنّه لا إشكال في صحّة صلاته مع أنّه زاد في صلاته تعمّدا.
والسرّ فيه ما ذكرنا من أنّه ما أتى بالزائد بل أوجد وصف الزيادة فيما لم يكن زائدا ، ودليل «من زاد» غير ناظر (١) بحسب الظاهر إلى مثل هذا.
فالأولى أن يقال : إنّه إن أتى بالجزء المنهيّ عنه بقصد الجزئيّة وبعنوانها ، يشمله دليل «من زاد» وتبطل الصلاة سواء أتى بغيره أم لا ، وإن لم يأت به كذلك ، لا تبطل الصلاة مطلقا إلّا إذا دلّ دليل على البطلان ، كما في الركوع والسجود حيث إنّ الإتيان بهما أزيد ممّا كان مأمورا به يحسب الإتيان بالزائد بحسب الدليل مطلقا ، سواء أتى بقصد الجزئيّة أو لا بقصدها ، بل بقصد الشكر أو غيره.
الثاني : أنّ الجزء المنهيّ عنه خارج عن تحت أدلّة جواز مطلق الذّكر والقرآن والدعاء ، فإنّها تخصّص بغير الفرد المحرّم منها ، فيدخل ـ بعد
__________________
(١) أقول : الظاهر أنّ دليل «من زاد» ناظر إلى من أوجد فعلا متّصفا بالزيادة ، سواء كان الاتّصاف مقارنا لإيجاد الفعل أم لا ، وليس الإتيان بالزائد إلّا إتيان الفعل بوصف الزيادة ، وهو يتحقّق في هذا الفرض قطعا. والنقض غير وارد ، ويجب الالتزام به في صورة العمد وهو يتحقّق في هذا الفرض قطعا. والنقض غير وارد ، ويجب الالتزام به في صورة العمد لا فيما إذا لم يكتف بإتيانه صحيحا فقطع وأتى به ثانيا ، كما لا يخفى. (م).