انكشف أنّها كانت مأمورا بها ، يعني أنّها واردة في الشريعة ، ولا يعتبر في صحّة العبادة أزيد من الأمر والإتيان بها بقصد القربة ، فلا وجه للبطلان.
ولكن فساده واضح ، حيث إنّ الإتيان بذلك ما لم ينكشف الخلاف محرّم واقعا ومبغوض حقيقة وداخل تحت كبرى (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(١) وغيرها من أدلّة حرمة التشريع ، فإنّها عامّة لكلّ من تصرّف في سلطان المولى بإفتاء أو فعل أو شبهه بدون إحراز إذنه ، فحين الإتيان وقعت العبادة محرّمة مبغوضة مندكّة مصلحتها ـ التي كانت لها في نفسها لو لا التشريع ـ في مفسدة التشريع ، فما يكون مبغوضا ومبعّدا كيف يمكن أن يكون محبوبا ومقرّبا!؟
وليس المقام (١) من موارد اجتماع الأمر والنهي وما يكون التركيب فيه انضماميّا ، كما توهّم ، بل هو من موارد النهي في العبادة ، كما لا يخفى.
المقام الثاني : في أنّ تعلّق النهي بالمعاملات هل يقتضي فسادها أم لا؟
ويتصوّر ثلاثة أقسام :
الأوّل : أن يتعلّق النهي بالسبب لا بما هو سبب بل بما هو فعل مباشريّ للمكلّف ، كالنهي عن المعاملة في الصلاة ، فإنّ نفس قوله : «بعت» في الصلاة
__________________
(١) يونس : ٥٩.
(٢) أقول : في صورة عدم الالتفات لا يكون من هذا الباب ولا من ذاك الباب ، لما عرفت من أنّها لم تكن محكومة بحكم العقل في هذه الصورة وفي صورة الالتفات كذلك لو انكشف الخلاف ولم نقل بحرمة التجرّي ، ولو لم ينكشف الخلاف أو انكشف وقلنا بحرمة التجرّي ، فيكون الفعل الواحد مصداقا للصلاة والتشريع في الأوّل ومصداقا للصلاة والتجرّي في الثاني ، فلو كان التركيب انضماميّا ، يكون من باب الاجتماع ، وهكذا لو لم نشترط انضماميّة التركيب في كون المجمع من موارد الاجتماع ، كما اخترناه ، خلافا لسيّدنا الأستاذ دام ظلّه ، وإلّا يكون من باب التعارض. (م).