ضمّ آية (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ)(١) إلى آية (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)(٢) وما يكون محطّا للبحث ومحلا للنزاع هو ما يكون مفهوما لازما للمعنى المستفاد من الجمل التركيبيّة باللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ لا الأعمّ ، فإنّه لا يكون من مداليل الألفاظ ، بل يكون من المداليل السياقيّة.
ثمّ إنّه لا وجه لإطناب الكلام في أنّ المفهوم هل هو حكم غير مذكور ، أو هو حكم لغير مذكور؟ والصحيح صحّة اتّصافه بكلّ منهما.
أمّا الأوّل : فلأنّ عدم وجوب الإكرام على تقدير عدم المجيء ، المستفاد من «إن جاءك زيد فأكرمه» وهكذا حرمة الضرب والشتم المستفادة من (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(٣) حكم غير مذكور في القضيّة المنطوقيّة ، إذ ما هو مذكور هو وجوب الإكرام على تقدير المجيء ، وحرمة التأفيف ، لا [عدم] وجوبه عند عدمه ، وحرمة الضرب والشتم.
وأمّا الثاني : فلأنّ الإكرام على تقدير عدم المجيء ، الّذي هو متعلّق حكم عدم الوجوب ، وهكذا الضرب الّذي هو متعلّق حكم الحرمة غير مذكور في المنطوق.
ولا وجه أيضا لإطناب الكلام في أنّ المنطوق والمفهوم هما من صفات الدلالة ، وأنّ الدلالة على قسمين : إمّا منطوقيّة وإمّا مفهوميّة ، أو من صفات المدلول ، وأنّه على قسمين : منطوقيّ ، ومفهوميّ ، وقد عرفت أنّهما من صفات المدلول وممّا يلزم له.
ثمّ إنّ محلّ النزاع هو وجود المفهوم للقضيّة وعدمه ، وأنّه هل لها مفهوم
__________________
(١) البقرة : ٢٣٣.
(٢) الأحقاف : ١٥.
(٣) الإسراء : ٢٣.