هذه القيود من : «المجيء» و «كونه يوم الجمعة» و «في المسجد» له دخل في ترتّب وجوب الإكرام عليه ، ويكون الجزاء مستندا إلى الشرط بهذه الخصوصيّات ، وإلّا لزم إمّا استناده إلى الجامع بين هذا الشرط بخصوصه ، وشرط آخر كذلك ، وهو خلاف ظاهر ترتّب الجزاء على الشرط بخصوصه. أو صدور الواحد عن الكثير وتأثير العلّتين المستقلّتين في المعلول الواحد إن حفظنا ظهور الكلام وقلنا بأنّ الشرط ليس هو الجامع ، بل هو نفس الشرط بخصوصه ، وهو محال.
وفيه : أوّلا : ما مرّ (١) مرارا من أنّ نسبة الموضوعات إلى الأحكام الشرعيّة تشبه نسبة العلل ومعاليلها ، لكن ليس في البين تأثير وتأثّر أصلا ، فلا يقال لموضوعات الأحكام : العلل ، إذ يمكن أن يكون هناك حكم واحد مترتّب على موضوعات متعدّدة ، ولا مانع من كون البول موجبا للوضوء بعنوانه الخاصّ ، وهكذا النوم وغيره من الموجبات ، إذ الموضوع لا يؤثّر في الحكم
__________________
(١) أقول : هذا التقريب بالنسبة إلى الأحكام الشرعيّة المتفرّعة على الموضوعات في القضايا الشرطيّة تامّ تمام لا إشكال فيه ، ولا يحتاج إلى ضمّ القاعدة العقليّة ، بل نقول : إنّه بعد تسليم ظهور القضيّة في الملازمة والترتّب لا مجال لإنكار كون الحكم في الجزاء مقيّدا بالشرط ومتفرّعا عليه ، وظاهر ترتّب شيء وتفرّعه على عنوان خاصّ أنّه مترتّب على هذا العنوان بخصوصه بحيث تكون الخصوصيّة أيضا دخيلة في الترتّب ، إذ لو لم يكن لها دخل فيه لم يكن يرتّب المتكلّم على هذا العنوان الخاصّ ، بل يرتّب على الجامع بينه وبين غيره ولو مفهوما ، وحيث إنّه في مقام البيان ورتّب الجزاء على هذا العنوان الخاصّ ، فيستكشف أنّه الموضوع فقط ، والجزاء مترتّب على هذا الشرط فقط ، ولا يقوم مقامه شرط آخر وموضوع كذلك ، بل لا نحتاج إلى هذه القاعدة بالنسبة إلى غير الأحكام أيضا في صحّة هذا التقريب ، وذلك لأنّ ظاهر تفرّع الجزاء على عنوان خاصّ أنّ الشرط بخصوصه ـ سواء كان موضوعا لحكم شرعيّ أو مؤثّرا في الجزاء وعلّة له ـ متفرّع عليه لا الجامع ، فتأمّل. (م).