ولو قرّبناه بهذا التقريب ، لا مجال لإيراد صاحب الكفاية ، فإنّ التمسّك بالإطلاق ليس لإثبات الانحصار ، بل لأنّ التقييد يتفاوت حاله مع الانحصار وعدمه ، فنتمسّك بإطلاق القيد المفيد للانحصار قهرا لإثبات أنّ الحكم غير مقيّد بغير هذا القيد المذكور.
ويشهد لذلك تمسّكنا بالإطلاق لو شككنا في أنّ شيئا آخر غير مجيء زيد له دخل في وجوب الإكرام أو لا ، ألسنا نتمسّك بإطلاق القيد ونقول : لو كان أمر آخر له دخل في ثبوت الحكم لكان عليه البيان وأن يقول مثلا : «لو جاءك زيد وأكرمك فأكرمه» أو هذا من الثمرات المهمّة المترتّبة على إثبات أنّ القيد راجع إلى الهيئة دون المادّة.
وممّا ذكرنا ظهر لك أنّه لا موضوع للبحث عن أنّه هل المنتفي عند انتفاء الشرط شخص الحكم أو سنخ الحكم؟ وأنّ مفاد الهيئة هل هو جزئيّ أو كلّيّ؟ لما عرفت من أنّ المعلّق على الشرط أمر اعتباريّ مظهر بمظهر أيّا ما كان ، سواء في ذلك ، الإنشاء أو الإخبار ، ومن المعلوم أنّه يكون طبيعيّ الوجوب لا الشخص ، غاية الأمر أنّه مقيّد بهذا القيد الخاصّ ، الّذي يكون شرطا في القضيّة ، ومطلق من سائر الجهات ، من دون تفاوت بين كونه مبرزا بالهيئة أو المادّة.
وإنّما أعرضنا عن هذا البحث ، لأنّه على مسلكنا ـ من أنّ الإنشاء كالإخبار ليس إلّا إظهار الأمر النفسانيّ وليس من باب الإيجاد أصلا ـ لا موضوع له ، بمعنى أنّه لا يوجد بالإنشاء شيء حتى يبحث في أنّ هذا الموجود هل هو جزئيّ أو كلّيّ؟ وعلى الأوّل كيف يتصوّر المفهوم مع أنّ شخص هذا الحكم المذكور في القضيّة انتفاؤه عقليّ لا ربط له بالمفهوم ، وسنخ الحكم لا يدلّ عليه