المنطوق حتّى ينتفي بانتفاء الشرط!؟
وبالجملة ، ما هو معلّق على الشرط (١) هو ذاك الأمر الاعتباريّ ، سواء كان حكما تكليفيّا أم وضعيّا ، كان مبرزا بالهيئة أو المادّة ، ولا يتفاوت حاله بأن تكون الهيئة مبرزة ومظهرة له أو المادّة من حيث الجزئيّة والكلّية والعموم والخصوص.
ثمّ إنّه استدلّ المنكرون بوجوه :
منها : قوله تبارك وتعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)(١).
__________________
(١) أقول : لعلّك تقول : لو كان المعلّق على الشرط هو ذاك الأمر الاعتباري المبرز بالهيئة ، الّذي هو كون الإكرام على تقدير المجيء ـ مثلا ـ على ذمّة المكلّف وعلى عهدته ، فانتفاء هذا الأمر الخاصّ بانتفاء موضوعه عقليّ لا ربط له بالمفهوم ، فأيّ فرق بين هذا القول والقول بأنّ مفاد الهيئة جزئيّ وحكم خاصّ ينتفي بانتفاء موضوعه عقلا؟
ولكنّك غفلت عن أنّ ثبوت المفهوم من ناحية عدم التقييد بغير هذا الشرط مع إمكانه ، وقد عرفت إمكانه ، وأنّ أمر الجعل بيد المولى ، فله أن يضيّق دائرته وله أن يوسّع.
ويمكن إبراز المقيّد بالهيئة بقوله : «أكرم على تقدير كذا» كما يمكن بالمادّة بقوله : «يجب الإكرام على تقدير كذا» ولا فرق بينهما أصلا ، فحيث يمكن للمولى على هذا المبني أن يقيّد الحكم بغير الشرط أو لم يقيّد ، فيستكشف أنّ الشرط هذا دون غيره ، وبعد هذا الاستكشاف ينتفي الحكم بانتفائه عقلا ، وحيث لا يكون قيد أو شرط آخر يقوم مقامه بمقتضى الإطلاق ، فيثبت المفهوم.
وهذا بخلاف القول بأنّ مفاد الهيئة جزئيّ وأمر خاصّ ، فإنّ القائل به يقول باستحالة تقييد الحكم المفاد من الهيئة بغير هذا الشرط ، فالانتفاء وإن كان عقليّا أيضا بانتفاء موضوعه إلّا أنّه لا ينافي ثبوت الحكم على تقدير آخر بدليل آخر من جهة أنّ التقييد بغير هذا الشرط في هذا الدليل كان مستحيلا على المولى ، فلو كان الحكم في الواقع مقيّدا على غيره أيضا ، فله أن يقيّد بدليل آخر ، ولا منافاة في البين أصلا. (م).
(٢) النور : ٣٣.