المفهومين وبقاء الآخر (١) على مفهومه فيما إذا كان ما أبقي على المفهوم أظهر من الآخر ، فقد نقل أنّه ضرب خطّ المحو عليه في النسخة المصحّحة منها ، وهو الظاهر ، ضرورة أنّ رفع اليد عن أحد المفهومين لا يرفع التنافي والتعاند بين الدليلين ، لأنّ التعارض ليس بين مفهومين حتّى يعالج برفع أحدهما ، بل هو بين مفهوم أحدهما ومنطوق الآخر.
وأظهريّة ما أبقي على المفهوم بل صراحته لا يفيد شيئا ، إذ لو دلّ دليل بالصراحة على أنّ عدم خفاء الأذان لا يوجب القصر سواء كان هناك خفاء الجدران أو لا ، ودلّ دليل آخر على أنّ خفاء الجدران يوجب القصر ، هل يتوهّم أحد أنّه ليس بينهما تناف وتعاند؟
ثمّ إنّ البحث لا يختصّ بما إذا كان هناك قضيّتان شرطيّتان تعدّد شرطهما واتّحد جزاؤهما ، بل يعمّ ما إذا كان هناك قضيّة شرطيّة دالّة بالمفهوم على عدم سببيّة شرط آخر للجزاء ، ودليل آخر دالّ على ذلك ، أي سببيّة شرط آخر للجزاء.
مثلا : لو ورد أنّ «من أتى أهله في نهار شهر رمضان فليكفّر» ثمّ ورد أنّ «المرتمس في الماء في نهار شهر رمضان يجب عليه الكفّارة» يقع التعارض أيضا بين الدليلين ، ولا بدّ من العلاج بأحد الأمور المذكورة.
فالأولى أن يجعل محلّ البحث وعنوان مورد النزاع هكذا : إذا كان هناك دليلان أحدهما : قضيّة شرطيّة نفت بمفهومها ما أثبته الآخر ، فلا بدّ من العلاج ورفع التنافي بأحد أمور ثلاثة.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : قد تقرّر في مقرّه أنّه لا بدّ في مقام علاج
__________________
(١) أي : بقاء الشرط الآخر على مفهومه.