منهما يدلّ على أنّ الشرط سبب مستقلّ للجزاء ، فأيّ منافاة بينهما؟ وهل توهّم أحد إلى يومنا هذا أنّه إذا ورد «من أتى أهله في نهار رمضان فليكفّر» و «المرتمس في الماء يكفّر» و «من أكل أو شرب يكفّر» يكون مقتضى هذه الأدلّة الثلاثة أنّ وجوب الكفّارة مختصّ بمن أتى أهله ، وارتمس ، وأكل ، وشرب بحيث لو صدر منه جميع هذه الأفعال غير الشرب لم يجب عليه الكفّارة؟
وممّا ذكرنا ظهر فساد ما أفاده شيخنا الأستاذ من أنّ هناك إطلاقين : أحدهما : يثبت به الانحصار ، وهو عدم تقيّد الحكم بغير هذا الشرط المقابل للتقييد ب «أو» فيكون القيد منحصرا به ، والآخر : عدم تقيّده بهذا الشرط وبشيء آخر معا المقابل للتقييد بالواو الّذي يفيد الاستقلال ، ولا بدّ من رفع اليد عن أحدهما ، للعلم الإجمالي بعدم بقاء كليهما على حالهما ، وكلاهما على حدّ سواء لا تفاوت بينهما ، فحينئذ يسقط كلّ منهما عن الحجّيّة ، ولكنّه لا شبهة في ثبوت الحكم في مورد الاجتماع (١).
ووجه الفساد : ما عرفت من أنّه لا موجب لرفع اليد عن الإطلاق المفيد للاستقلال ، لأنّ التعارض لم ينشأ من هذا الإطلاق ، فيتعيّن أن ترفع اليد من الإطلاق الآخر بمقدار نشأ التعارض لأجله ، وهو الانحصار حتّى بالنسبة إلى هذا الشرط الثابت شرطيّته بدليل آخر.
الأمر الرابع : إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء ، فهل عند تقارنهما أو تقدّم أحدهما على الآخر تتداخل الأسباب ، فيكون التكليف واحدا ، أو لا تتداخل ، فيكون التكليف متعدّدا بتعدّد الشرط؟ ولا ريب في أنّه يختصّ النزاع بما إذا كان
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٤١٨.