في مقام الامتثال.
وبعد ذلك يقع الكلام في مقامين :
الأوّل : في تداخل الأسباب.
فنقول : لا شبهة في أن القضيّة المتكفّلة لبيان حكم لموضوع ـ شرطيّة كانت أو غيرها ـ ينحلّ الحكم الثابت فيها إلى أحكام متعدّدة حسب موضوعاته المتعدّدة ، ولا فرق في ذلك بين القضايا العرفيّة ، كما في «النار حارّة» و «إن وجدت نار فهي حارّة» وبين القضايا الشرعيّة ، كما في «المستطيع يجب عليه الحجّ» (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) كما لا فرق من هذه الجهة بين القضيّة الشرطيّة وغيرها ، فإنّه في كلّ منهما الحكم ثابت للموضوع المفروض وجوده ، غاية الأمر أنّ فرض وجود الموضوع في الشرطيّة يستفاد من أداة الشرط ، فإنّها وضعت لذلك ، بخلاف القضيّة الحقيقيّة ، فإنّه فيها يستفاد من الظهور.
وبالجملة ، ظهور الجملة في تعدّد الحكم حسب تعدّد الموضوع أو الشرط ممّا لا ينكر ، وهكذا ظهورها في استقلال الموضوع وكون الحكم مترتّبا عليه مستقلّا ممّا لا شبهة فيه ، فإنّ ظاهر قضيّة «إذا بلت فتوضّأ» أو «يجب الوضوء عند البول» هو أنّ وجوب الوضوء مترتّب على وجود البول ، سواء سبقه أو قارنه نوم أم لا ، فمقتضى هذين الظهورين : أنّ كلّ شرط لو فرض وجود كلّ فرد منه في الخارج ، يترتّب عليه حكم وتكليف غير ما يترتّب على الآخر ، فهناك موضوعات عديدة وأحكام عديدة ، فتدلّ قضيّة «إذا بلت فتوضّأ» و «إذا نمت فتوضّأ» على وجوب الوضوء لكلّ مرّة من مرّات البول وبعد كلّ
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.