الطهارة والطهوريّة ثابت لجميع أقسام الماء بمقتضى الإطلاق ، وفي الآخر ثابت لبعض الأفراد ، ولا ينفى عن سائر الأفراد ، ولو كان حمل المطلق على المقيّد من جهة ثبوت المفهوم ، لوجوب حمل المطلق الشمولي أيضا على المقيّد ، إذ على هذا «ماء النهر يطهّر بعضه بعضا» يدلّ على عدم كون غير ماء النهر كذلك ، ومن الواضح أنّه ينافي ويعارض المطلق الدالّ على كون الماء مطلقا ـ ولو كان غير ماء النهر ـ طاهرا مطهّرا ، ووجه حمل المطلق البدليّ على المقيّد واضح ، إذ ظهور القيد في الاحترازيّة وأنّ الامتثال لا يحصل إلّا بإتيان المقيّد ينافي ظهور المطلق في الإطلاق بدلا وأنّ المكلّف مخيّر في تطبيق المأمور به في «أعتق رقبة» على أيّ فرد شاء ـ مؤمنة كانت أو كافرة ـ فلا محالة يرفع اليد عن هذا الإطلاق ، ويحكم بعدم اجتزاء عتق الرقبة الكافرة في مقام الامتثال.
ثمّ محلّ النزاع هو الوصف المضيّق لدائرة الموضوع بأن يكون أخصّ من الموصوف ولو من وجه ، كما في «أكرم إنسانا عالما» أو «في الغنم السائمة زكاة» في جانب الافتراق عن الموصوف فقط ، أمّا ما لا يكون كذلك بأن يكون مساويا للموصوف أو أعمّ مطلقا ـ كما في «أكرم إنسانا كاتبا بالقوّة أو بالفعل» ـ أو في جانب الافتراق عن غير الموصوف فيما يكون الوصف أعمّ من وجه ، فلا يدخل في محلّ النزاع أصلا ، فلا يدلّ «في الغنم السائمة زكاة» ـ بناء على ثبوت المفهوم للوصف ـ إلّا على أنّ الغنم المعلوفة لا زكاة فيها ، أمّا عدم الزكاة في الإبل المعلوفة فأجنبيّ عن مفهوم الوصف.
فما عن بعض الشافعيّة من دلالته على ذلك (١) ، لا وجه له ، إلّا أن يدّعي دعوى بلا بيّنة وبرهان ، وهي أنّ تعليق الحكم على الوصف ظاهر في العلّيّة ،
__________________
(١) المنخول : ٢٢٢ وكما في كفاية الأصول : ٢٤٥ ومطارح الأنظار : ١٨٢.