كون الشمول والعموم المستفاد من الدليل بالوضع لا بالإطلاق ومقدّمات الحكمة ، وليس المناط في ترجيح العامّ كونه مصداقا للعامّ ومنطبقا عليه مفهوم العامّ ، ضرورة أنّ المطلق الشموليّ أيضا مصداق للعامّ ومنطبق عليه مفهومه ، وإلّا لم يقع التعارض بينهما ، غاية الأمر أنّ الشمول فيه مستفاد من مقدّمات الحكمة ، بخلافه في ألفاظ العموم ، فإنّه مستفاد من الوضع ، ولذلك يقدّم على المطلق لصلاحيّته لأن يكون بيانا له.
ثمّ إنّ العامّ يقسّم بالاستغراقيّ والمجموعيّ والبدليّ.
وربما يقال ـ كما في الكفاية (١) ـ إنّ منشأ هذا التقسيم هو اختلاف كيفيّة تعلّق الحكم به ، وإلّا فالعموم في الجميع بمعنى واحد ، وذلك لأنّ الحكم إمّا أن يتعلّق بكلّ واحد واحد من الأفراد بحيث يكون لكلّ فرد إطاعة وعصيان غير ما يكون للآخر ، أو بمجموعها بحيث يكون هناك إطاعة واحدة وعصيان واحد ، أو بواحد منها على البدل بحيث يمكن انطباقه على أيّ فرد من دون خصوصيّة في البين ، فالأوّل هو العموم الاستغراقيّ ، والثاني هو المجموعيّ ، والثالث هو البدليّ.
لكنّ التحقيق أنّ المنشأ اختلاف نفس المفهوم حيث إنّ نفس الشمول والعموم الموجود في جميع الأقسام مع قطع النّظر عن الحكم مختلفة ، إذ معنى «كلّ رجل ـ مثلا ـ مع قطع النّظر عن كونه محكوما بحكم هو جميع الأفراد ، ومعنى «أيّ رجل هو الفرد المنتشر.
وبعبارة أخرى : المتكلّم تارة يلاحظ جميع أفراد العالم ـ مثلا ـ بنحو الاستقلال ويثبت له كذلك حكما كوجوب الإكرام ، ومنشأ هذا الحكم تعلّق
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٥٣.