فصل :
لا ريب في أنّ للخصوص صيغة تخصّه ويكون استعمالها في العموم غلطا استعمالا في غير ما وضع له كالبعض.
ولا إشكال أيضا في وجود ألفاظ مشتركة بين العموم والخصوص مستعملة في كلّ منهما ، فلا بدّ في تعيّن أحدهما من قرينة تعيّنه ، كالموصولات والمفرد المحلّى باللام المستعملة في العموم تارة وفي الخصوص أخرى.
وإنّما الكلام في وجود ألفاظ خاصّة بالعموم يكون استعمالها في الخصوص بدون القرينة مع علاقة مجازا وبدونها غلطا.
والحقّ أنّ لفظ «كلّ» و «جميع» وأخواتهما والجمع المحلّى باللام كذلك ، لتبادر العموم منها من غير نكير يعتنى به.
ودعوى أنّ الخصوص هو القدر المتيقّن ممّا لا ينبغي أن يصغى إليه ، لأنّ الأخذ بالقدر المتيقّن لا مساس له بالظواهر ، وإنّما مورده المجملات والموارد المشكوكة لا الظاهرة المتيقّنة.
وكذلك دعوى أنّ استعمال مثل هذه الألفاظ في الخصوص وصل إلى حدّ قيل : ما من عامّ إلّا وقد خصّ ، لا وجه لها ولا تثبت مدّعى مدّعيها ، لا لما أفاده في الكفاية ـ بعد تسليم المجازيّة ـ من عدم المحذور في كثرة الاستعمال في الخصوص ، حيث إنّه مع القرينة (١) ، فإنّه مخدوش ، فإنّ الاستعمال في الخصوص لو كان مجازا فمع كثرته يصير من المجازات الشائعة التي تكون عند
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٥٤.