فصل :
لا ريب في حجّيّة العامّ في العموم لو لم يعلم تخصيصه ، وأمّا لو علم ، فيقع الكلام في مقامين :
الأوّل : في أنّه هل هو حجّة في الباقي مطلقا ، أو ليس بحجّة كذلك ، أو يفصّل بين التخصيص بالمنفصل والمتّصل ، فيقال بالحجّية في الثاني وعدمها في الأوّل؟
الثاني : في أنّه لو كان المخصّص مجملا مردّدا بين الأقلّ والأكثر أو المتباينين من جهة الشبهة في المفهوم هل يسري إجماله إلى العامّ حقيقة أو حكما أم لا؟ ويذيّل بالبحث عن الشبهات المصداقيّة.
الكلام في المقام الأوّل : المعروف بين الأصوليّين أنّ العامّ المخصّص حجّة فيما بقي ، وادّعى بعضهم عدم الحجّيّة. والحقّ هو الأوّل.
أمّا في العامّ المخصّص بالمتّصل : فظاهر ، إذ المخصّص فيه بمنزلة القيد اللاحق للكلام في الحقيقة وإن كان تخصيصا صورة ، وقد عرفت أنّ لفظة «كلّ» مثلا من أداة العموم تفيد شمول ما يصلح أن يشمله المدخول بجميع قيوده ولواحقه ، والمدخول تارة يكون «رجلا» وأخرى «رجلا عالما» وثالثة «رجلا عالما هاشميّا» وهكذا ، فباختلاف المدخول ـ من حيث كثرة الأوصاف وقلّتها أو عدمها ـ يختلف العموم سعة وضيقا ـ والمراد بالصفة مطلق ما يلحق بالكلام من القيود ، لا النعت النحوي ـ والتخصيص ب «إلّا» وما يشبهها من أداة الاستثناء وإن لم يكن ـ ظاهرا ـ من قبيل الأوصاف ويكون ـ ظاهرا ـ تخصيصا وإخراجا