لشيء عن المستثنى منه بحيث لولاه لكان داخلا فيه إلّا أنّه ليس كذلك في الحقيقة ، إذ المخصّص المتّصل يعدّ في العرف قرينة على عدم إرادة هذا الفرد من العامّ ، ف «أكرم العلماء إلّا الفسّاق منهم» يكون بمنزلة «أكرم العلماء العدول» عرفا ، فلا وجه لعدم الحجّيّة في المتّصل أصلا.
وعمدة الإشكال في التخصيص بالمنفصل بتقريب أنّ المخصّص المنفصل قرينة على أنّ العامّ لم يستعمل فيما وضع له الّذي هو العموم فيكون مجازا ، ولا ريب [في] أنّ المجازات متعدّدة ، ومراتبها مختلفة ، ولا دليل على تعيّن واحد منها حتى يكون اللفظ ظاهرا وحجّة فيه.
وجوابه يتّضح بتقديم مقدّمتين :
الأولى : أنّ الدلالة منقسمة بأقسام ثلاثة :
الأوّل : الدلالة الأنسيّة والتصوّريّة ، وهي : الانتقال من اللفظ إلى المعنى ولو كان اللافظ غافلا أو نائما ، ومنشؤها زيادة الأنس بين اللفظ والمعنى ، وليس هذا من الدلالات الوضعيّة أصلا ، لما عرفت في بحث تبعيّة الدلالة للإرادة أنّ اللفظ موضوع لإفادة المعنى وإبرازه ، ولا يكون ذلك إلّا إذا كان المتكلّم في مقام الإفادة والتفهيم.
الثاني : الدلالة التصديقيّة ، بمعنى دلالة اللفظ على أنّ المتكلّم أراد منه ما هو موضوع له ، وتسمّى هذه بالدلالة الوضعيّة ، وهي تابعة للوضع ، لما مرّ في بحث الوضع من أنّه ليس إلّا التعهّد والبناء على أنّه متى استعمل لفظ كذا يريد المعنى الكذائي.
الثالث : الدلالة التصديقيّة ، بمعنى دلالة اللفظ على أنّ المتكلّم أراد منه معناه وما هو موضوع له جدّاً لا أنّه مراد بإرادة استعماليّة. وبعبارة أخرى : دلالة