المقام الثاني : أنّه لو كان المخصّص مجملا من حيث المفهوم ، فإمّا أن يكون إجماله من أجل دوران مفهومه بين الأقلّ والأكثر أو المتباينين ، وعلى كلّ حال فإمّا أن يكون المخصّص متّصلا أو منفصلا.
فإن كان مردّدا بين المتباينين ، فلا إشكال في سراية إجمال المخصّص إلى العامّ أيضا حقيقة في المتّصل ، وحكما في المنفصل.
أمّا في المتّصل : فلأنّ الظهور من الأوّل لا ينعقد للعامّ بالنسبة إلى أحد محتملي المخصّص ، فلو قال : «أكرم العلماء إلّا الفسّاق منهم» وتردّد مفهوم الفاسق بين أن يكون شارب الخمر ، وترك الصلاة فرضا ، فحيث إنّ الفاسق ـ الّذي هو قيد عدميّ لموضوع الحكم حقيقة ـ يكون محتمل الانطباق على شارب الخمر وتارك الصلاة ، فمن الأوّل لا يعلم أنّ موضوع الحكم أيّ شيء هو ، فيكون مجملا ، فليس بحجّة في شيء منهما.
وأمّا في المنفصل : فلأنّ العامّ وإن انعقد له ظهور بالنسبة إلى جميع أفراده حتّى ما يحتمله المخصّص ولا ينقلب عمّا هو عليه ولا يصير مجازا بعد مجيء المخصّص المنفصل إلّا أنّ الحجّيّة ـ التي كانت ببناء العقلاء بعد قيام القرينة القطعيّة على أنّ العموم غير مراد جدّاً ـ منحصرة بغير ما يكون المخصّص محتملا له ، وليس للعقلاء بناء على الأخذ بظهور العامّ مع ذلك القرينة ، والمتيقّن من بنائهم هو الأخذ بظهوره في غير ما يحتمله المخصّص.
وإن كان المخصّص المجمل مردّدا بين الأقلّ والأكثر ، فإن كان متّصلا ، فلا ريب أيضا في سراية إجمال المخصّص إلى العامّ أيضا بعين ما مرّ في المتباينين ، فلا يكون حجّة إلّا في غير المرتكب للصغيرة والكبيرة من باب أنّه متيقّن.