الأمور ، فلفظ «الفاسق» ومفهومه إشارة إلى فاعل شيء منها ، وبهذا الاعتبار يكون قيدا للعلماء ، فكأنّه قال : «لا تكرم عالما يشرب الخمر ولا عالما يغتاب ولا عالما يكذب» وهكذا ، فإرادة المرتكب للكبيرة معلومة ، والمرتكب للصغيرة غير معلومة ، فتلك الدلالات الضمنيّة بالنسبة إلى أفراد العامّ ، التي منها الناظر إلى الأجنبيّة من غير إصرار ـ مثلا ـ باقية على حالها بتمامها ، ويؤخذ بها بجميعها إلّا ما يكون حجّة أقوى على خلافها ، وليس ذلك إلّا في المرتكب للكبيرة ، فبالنسبة إليها ـ أي : دلالة العامّ على المرتكب للكبيرة فقط ـ يسقط العامّ عن الحجّية ، وأمّا بالنسبة إلى دلالته على المرتكب للصغيرة ، فظهور العامّ ودلالته على حالها ، ولا معارض لها أقوى منها ، فلا وجه لسقوطها عن الحجّية.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّه لو كان المخصّص مجملا من جهة الشبهة في المفهوم ، فلا يجوز التمسّك بالعامّ فيما لم يعلم خروجه عن تحت العامّ ودخوله في المخصّص إلّا إذا كان المخصّص منفصلا دائرا بين الأقلّ والأكثر ، فإنّه يتمسّك بالعموم في الفرد المشكوك ، ويحكم بأنّه محكوم بحكم العامّ. هذا تمام الكلام في التمسّك بالعامّ في الشبهة المفهوميّة.
تذييل : في جواز التمسّك بالعامّ فيما إذا كان إجمال المخصّص من جهة المصداق ، وكان المفهوم معلوما مبيّنا ، كما إذا تردّد زيد العالم بين كونه فاسقا أو غير فاسق. والأقوال في المقام أربعة :
القول بالجواز مطلقا ، وعدمه مطلقا ، والتفصيل بين المخصّص اللفظي والقول بالجواز ، واللّبّي والقول بعدمه ، كما أفاده صاحب الكفاية (١) ، والتفصيل
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٥٨ ـ ٢٥٩.