بين اللّبّيّات بأن تكون مقيّدة لموضوع الحكم أو كاشفة عن عدم وجود الملاك في المصداق المشتبه والقول بالجواز في الثاني ، وعدمه في الأوّل ، كما أفاده شيخنا الأستاذ (١).
والكلام يقع في مقامين :
الأوّل : فيما يقتضيه الأصل اللفظي.
والثاني : فيما يقتضيه الأصل العملي.
أمّا المقام الأوّل : فالظاهر اختصاص النزاع في المخصّص المنفصل ، وأمّا المخصّص المتّصل ـ الّذي عرفت أنّه يطلق عليه التخصيص مسامحة ، وإلّا ففي الحقيقة ليس بتخصيص ، بل يكون موضوع الحكم مضيّقا من الأوّل ـ فلا كلام ولا نزاع في عدم جواز التمسّك بالعامّ لإثبات الحكم للفرد المشكوك دخوله تحت المخصّص ، ضرورة أنّ موضوع الحكم بتمام قيوده وشرائطه في كلّ قضيّة لا بدّ أن يكون مفروض الوجود ، فإنّ الحكم غير محقّق لموضوعه أو قيد من قيوده ، وغير متكفّل لإحراز موضوعه أو قيد من قيوده ، فكما لا يصحّ التمسّك بعموم «أكرم العلماء» لإثبات وجوب الإكرام للفرد المشكوك أنّه عالم كذلك لا يصحّ التمسّك بعمومه عند تقييده بأنّهم لا يكونون فاسقين ، غاية الأمر أنّ الموضوع في الأوّل بسيط ، وفي الثاني مركّب.
هذا ، وعمدة ما قيل لجواز التمسّك بالعامّ في المخصّص المنفصل هو : أنّ العامّ انعقد له ظهور في العموم ، والفرد المشكوك داخل تحت العامّ ، ويتبع هذا الظهور في جميع أفراد العامّ إلّا فيما عارضه دليل أقوى وأظهر منه ، والمفروض أنّ المخصّص يكون كذلك بالنسبة إلى أفراده المتيقّنة ، وأمّا المشكوكة فلا يكون حجّة فضلا عن أن يكون أقوى حتى يرفع اليد عن ظهور
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠.