العلماء» وتقييدهم بأن لا يشربوا الخمر مثلا بحيث كأنّما قال : «أكرم العلماء الذين لا يشربون الخمر» ـ للموضوع الواقعي مشكوكة ، فلا بدّ من إحرازها من الخارج.
ومن الوجوه التي استدلّ بها على جواز التمسّك بالعامّ في الشبهات المصداقيّة قاعدة «المقتضي والمانع» وهي أنّ عنوان العامّ مقتض لتسرية الحكم إلى جميع أفراده ، وعنوان الخاصّ مانع عن ذلك ، فإذا أحرزنا المقتضي كالعلم في المثال المعروف ، وشككنا في ثبوت المانع كالفسق ، فلا يرفع اليد عن المقتضي ، ولا بدّ من الحكم بوجود مقتضاه.
أقول : إن كان مراد المستدلّ بها من المقتضي والمقتضى في مقام الإثبات بمعنى الكاشفيّة والدليليّة وأنّ العامّ له كاشفيّة للمراد الجدّيّ والواقعي ، والخاصّ مانع عنه ، ومانعيّته بالنسبة إلى الفرد المشتبه مشكوكة ، فلا بدّ من الأخذ بالمقتضي ، أي : كاشفيّة العامّ ، والحكم بثبوت المقتضى ، أي : وجوب الإكرام بالقياس إليه ، فهذا الدليل بعينه هو الدليل السابق ، غاية الأمر قد عبّر بلفظ آخر ، وبتعبير آخر ، وقد مرّ جوابه مفصّلا.
وإن كان المراد من المقتضي في مقام الثبوت أيّ : المصلحة والملاك ، وأنّ عنوان العامّ فيه ملاك الحكم ، وعنوان الخاصّ مانع عن تأثير هذا الملاك ، فهو وإن كان تامّا بحسب الصغرى ـ ولا يرد عليه ما أورده عليه شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ من أنّ عنوان المخصّص لا ينحصر في كونه مانعا بل ربما يكون شرطا أو جزءا كما في «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» و «لا صلاة إلّا بطهور» (١) لأنّ الكلام ليس في أمثال هذه التراكيب التي هي متكفّلة لبيان عدم تحقّق الماهيّة
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٤٦٠.