إمكانا أو وقوعا بدون وجود المستثنى وتحقّقه كما مرّ في بحث المفهوم ، بل الكلام في التراكيب والقضايا التي متكفّلة لبيان الأحكام الثابتة لموضوعاتها ، ومن المعلوم أنّها كلّها تابعة للملاكات الموجودة في موضوعاتها المقتضية لها ، وأنّ عناوين المخصّصات في أمثالها من قبيل الموانع عند العرف في جميعها ـ إلّا أنّ الكلام في تماميّة هذه القاعدة كبرى ، إذ مدركها لو كان بناء العقلاء فهو غير متيقّن ، ولو كان المدرك شمول الأخبار ـ الدالّة على حجّيّة الاستصحاب ـ لها ، فسيجيء ـ إن شاء الله ـ أنّ الأخبار الواردة في ذلك الباب يستحيل عموميّتها لموارد المقتضي والمانع وموارد الاستصحاب معا ، بل لا بدّ من أن تكون ناظرة إمّا إلى موارد المقتضي والمانع فقط أو الاستصحاب كذلك.
بقي الكلام في التفصيل الّذي أفاده صاحب الكفاية (١) ـ قدسسره ـ في المقام ، وهو : أنّ المخصّص إن كان لفظيّا منفصلا ، فحيث يقيّد العامّ بغير عنوان المخصّص المنفصل فلا يجوز التمسّك بالعامّ في الفرد المشكوك كونه مصداقا للمخصّص ، لأنّ دليل وجوب إكرام العلماء مثلا غير متكفّل لانطباق موضوعه على ما في الخارج ، بل لا بدّ من إحراز ذلك من الخارج.
أمّا إن كان المخصّص لبّيّا ، فلو كان ممّا يمكن أن يعتمد عليه المولى في مقام البيان ، فهو كالمخصّص المتّصل في أنّه لا ينعقد ظهور للعامّ في العموم من الأوّل ، بل يقيّد العامّ بغير عنوان المخصّص من الأوّل.
وأمّا لو لم يكن كذلك ، فلا مانع من التمسّك بالعامّ في الفرد المشكوك والمصداق المشتبه ، لبقاء العامّ على حجّيّته وظهوره فيه ، كما لو قال : «أكرم جيراني» وقطعنا بأنّه لا يريد إكرام عدوّه ، فحيث لم يلق من المولى إلّا كلام
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٥٨ ـ ٢٦٠.