المخصّص لبيا لا يجوز على الإطلاق ، كما زعم صاحب الكفاية قدسسره ، بل يختصّ الجواز بما إذا كان كاشفا عن الملاك غير مقيّد للعامّ أو مردّدا بينهما لكنّه كان دليلا عقليّا نظريّا. هذا خلاصة ما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره.
والظاهر أنّ ما أفاده من التفصيل بل غيره من التفصيلات المذكورة في المقام كلّها نشأت من الخلط بين القضايا الحقيقيّة والخارجيّة.
والحقّ (١) أنّ التمسّك بالعامّ ـ في محلّ الكلام ـ في القضايا الحقيقيّة التي
__________________
(١) أقول : لا شبهة في تقييد المخصّص موضوع الحكم والعام بنقيض عنوان المخصّص بالنسبة إلى المراد الجدّي والواقعي ، سواء كان المخصّص لفظيّا أو لبّيّا ، وبعد التقييد يصير الموضوع مركّبا من جزءين : أحدهما : عنوان العامّ ، والآخر : نقيض عنوان الخاصّ ، كما أفاده دام ظلّه. ولا فرق بين القضايا الحقيقيّة والخارجيّة إلّا في أنّ المولى أوكل إحراز الموضوع بكلا جزأيه إلى العبد ، وجعله على ذمّته في القضايا الحقيقيّة أو الخارجيّة التي يكون المخصّص فيها لبّيّا محتملا للقرينيّة وفي القضايا الخارجيّة أحرز أحد جزأي الموضوع هو بنفسه ، وجعل إحراز الجزء الآخر على عهدة المكلّف ـ إذ الكلام في المخصّص العنواني الّذي أخذ مفروض الوجود ، مثل عنوان العدوّ ، لا الفرد ، مثل «زيد» فإنّه ليس من قبيل الشبهة المصداقيّة التي هي محلّ الكلام ، كما لا يخفى ـ ومن المعلوم أنّ مجرّد هذا الفرق لا يكون فارقا بين الخارجيّة والحقيقيّة من اللّبّيّات غير المحتملة للقرينيّة فيما نحن بصدده ، وهو جواز التمسّك بالعامّ في الأوّل وعدمه في الثاني ، وذلك لأنّ أحد الجزءين محرز على الفرض والآخر موكول إلى العبد ، فكما أنّ في الحقيقيّة من القضايا لا بدّ للعبد من إحرازها فكذلك في الخارجيّة منها.
وتوهّم أنّ الموضوع في هذا القسم من اللّبّيّات أحرزه المولى بنفسه بكلا جزأيه لانعقاد الظهور للعامّ ، فاسد ، إذ قد مرّ أنّه ليس كلّ ظاهر بحجّة ، بل الحجّة هو الظهور الثانوي للعامّ في المراد الواقعي.
وبعبارة أخرى : حجّيّة العامّ بمقدار كاشفيّته عن المراد الواقعي ، فإذا لم يكن بواسطة المخصّص ظاهرا في العموم ظهورا ثانويّا كاشفا عن المراد الواقعي ، فلا محالة لا يدلّ على أنّ جميع ما يشير إليه المولى بقوله : «أكرم هؤلاء العلماء» مثلا غير أعداء له ، بل بعد القطع بأنّه لا يريد إكرام العدوّ نقطع أنّ مراده من هذا القول أنّه أكرم من هؤلاء العلماء كلّ ـ