وجدت قرشيّة أو غير قرشيّة ـ فوقع النزاع بين شيخنا الأستاذ وصاحب الكفاية في جريان الأصل فيه.
والتزم صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ بذلك بدعوى أنّ الباقي تحت العامّ بعد تخصيصه بمنفصل أو متّصل حيث إنّه معنون بعنوان عدميّ غالبا ـ إذ المخصّص في غالب الأوقات يكون أمرا وجوديّا والعامّ يقيّد بنقيضه ـ يكون إحراز المشكوك منه بالأصل الموضوعي ممكنا. مثلا : إذا شكّ في امرأة أنّها قرشيّة أو غير قرشيّة وإن لم يكن هناك أصل يحرز به أنّها قرشيّة أو غيرها ، لعدم وجود الحالة السابقة لإحداهما ، إلّا أنّ استصحاب عدم الانتساب بالقريش ، وعدم اتّصافها بأنّها قرشيّة ـ حيث إنّها قبل وجودها كانت نفسها معدومة وانتسابها بالقريش أيضا كانت معدومة ، فعند وجودها نعلم بوجود نفسها ، ونشكّ في أنّ صفتها وانتسابها بالقريش هل انقلب من العدم إلى الوجود أم لا؟ ـ يفيد في إحراز أنّها لا تكون منتسبة إلى القريش ، ويحكم بأنّها ممّن لا تحيض إلّا إلى خمسين (١).
وأورد عليه شيخنا الأستاذ : بأنّه لا يمكن إحرازه بالأصل في أمثال هذا المثال ممّا لا يكون للوصف حالة سابقة. وقدّم لتنقيح مرامه مقدّمات ثلاثا :
الأولى : أنّ التخصيص ـ أيّا ما كان ـ يوجب تقييد عنوان العامّ بنقيض عنوان الخاصّ ، فلو كان أمرا وجوديّا ، فالباقي تحت العامّ مقيّد بعنوان عدميّ ، وإن كان عدميّا ، فالباقي مقيّد بعنوان وجوديّ ، ضرورة أنّه لا يمكن أن يبقى العامّ على عمومه حتّى بالنسبة إلى أفراد المخصّص وعنوانه بعد التخصيص ، وإلّا يلزم التناقض ، فإنّ السالبة الجزئية تنافي الموجبة الكلّيّة ، كما أنّ الموجبة
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٦١.