لا يقال : صحّة النذر متوقّفة على رجحان المتعلّق ، وهو يتوقّف على خروجه عن تحت عنوان التنفّل المتوقّف على النذر ، وهل هذا إلّا دور؟
فإنّه يقال ـ مضافا إلى أنّه لا دليل على توقّف صحّة النذر على رجحان المتعلّق حين النذر ، بل يكفي رجحانه في مقام امتثال الأمر النذري ولو حصل من قبل نفس النذر ـ : إنّ ذات الصلاة ما لم ينطبق عليها عنوان التطوّع والتنفّل محبوبة وراجحة ، ومن الواضح أنّ الناذر ينذر أن يأتي بركعتين وقت الفريضة لا أن يتطوّع بالصلاة في ذلك الوقت ، وإتيان الصلاة وقت الفريضة في نفسه وطبعه مستحبّ راجح لو لا عروض عنوان التنفّل عليه ، والنذر يمنع عن عروض هذا العنوان ، لا أنّه يوجب الرجحان في المتعلّق ، فتدبّر جيّدا.
بقي شيء راجع إلى الاستصحاب في الأعدام الأزليّة فاتنا هناك ، فنستدركه هنا ، وهو : أنّه روى مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم الحرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب فيكون عليك وقد اشتريته وهو سرقة ، ومملوك عندك وهو حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع قهرا ، أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك ، والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة» (١).
واستدلّ بهذه الرواية على جريان أصل البراءة في الشبهات البدويّة ، ودلالة صدرها وذيلها على ذلك من الوضوح بمكان.
وأمّا التمثيل بهذه الأمثلة الثلاثة فلا ينطبق على المقصود ، ولذا قد حمل على التنظير والتشبيه.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ ـ ٤٠ ، التهذيب ٧ : ٢٢٦ ـ ٩٨٩ ، الوسائل ١٧ : ٨٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.