لملاقيه ، وما ورد من أنّه «لا بأس بغسالة الاستنجاء» (١) فإنّ عدم البأس بها لو كان من جهة أنّها نجسة معفوّ عنها ، فهو تخصيص لدليل تنجيس كلّ نجس لملاقيه ، ولو كان من جهة أنّها طاهرة ، فتخصّص.
وعمدة الوجه للثاني ـ أي : القول بالتخصّص ـ هو : أنّ العامّ حيث إنّه أصل لفظي تكون مثبتاته ولوازمه العقليّة حجّة ، فيمكن التمسّك به لإثبات أنّ زيدا ـ الّذي يحرم إكرامه ـ لا يكون عالما ، وأنّ الغسالة حيث إنّها غير منجّسة لملاقيها ، فلا تكون نجسة ، فيحكم على «زيد» أحكام غير العالم ، وعلى الغسالة أحكام الماء الطاهر.
هذا ، وفيه : أنّ العامّ وإن كان من الأصول اللفظيّة والمثبت منها حجّة قطعا إلّا أنّ مثبتها لا يزيد على أنفسها ، فلو ثبت حجّيّة العامّ في مقام الشكّ في المصداق ، فتثبت لوازمه أيضا ، وقد عرفت بما لا مزيد عليه أنّ حجّيّة العامّ ـ حيث إنّه ببناء العقلاء ، ولم ترد آية ولا رواية على أنّ كلّ عامّ حجّة ـ فلا بدّ من الاقتصار بما جرى عليه سيرتهم واستقرّ عليه بناؤهم قطعا ، وهو العمل بالعامّ عند الشكّ في الصدق لا في المصداق ، وعند الاشتباه في الانطباق لا ما ينطبق العامّ عليه. وبعبارة أخرى : عند الشكّ في المراد لا في كيفيّة استعمال اللفظ بعد معلوميّة المراد.
الثاني : أنّه إذا ورد عامّ ، مثل : «أكرم العلماء» ثمّ ورد «لا تكرم زيدا» والمسمّى بلفظ «زيد» مردّد بين العالم والجاهل ، فهل يكون عموم العامّ دالّا على أنّ زيدا العالم يجب إكرامه ، وأنّ من يحرم إكرامه هو زيد الجاهل أم لا؟
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٣ ـ ٣ و ٥ ، الفقيه ١ : ٤١ ـ ١٦٢ ، التهذيب ١ : ٨٥ ـ ٢٢٣ و ٨٦ ـ ٢٢٧ و ٢٢٨ ، الوسائل ١ : ٢٢١ ـ ٢٢٣ ، أحاديث الباب ١٣ من أبواب الماء المضاف والمستعمل.