بحيث لا يعلم به أحد حتّى من كان عالما بالغيب ، كما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الكأسين لا بعينه ولا بشرط ، فإنّه من المحتمل نجاسة كلا الإناءين في الواقع ، فلا يتعيّن ما هو معلوم إجمالا واقعا ، ومثل هذا العلم الإجمالي لا ينحلّ أصلا ، ولا تصير هذه القضيّة المنفصلة المانعة للخلوّ المشكوكة الطرفين متيقّنة أصلا.
وأخرى يكون له تعيّن في الواقع ونفس الأمر وهو على قسمين :
الأوّل : أن يكون المعلوم بالإجمال كمّيّة خاصّة بحيث لا معرّف له إلّا عنوان العدد ، كما إذا علم باشتغال الذمّة بالدّين في الجملة إمّا دينار أو أكثر ، وفي هذا القسم يدور الأمر بين الأقلّ والأكثر ، ولازمه انحلال العلم الإجمالي بالعلم التفصيليّ بالمقدار المتيقّن والشكّ البدوي بالزائد عنه.
الثاني : أن يكون المعلوم بالإجمال الّذي له تعيّن في الواقع معنونا بعنوان خاصّ معرّف له ، كما إذا علم أحد بأنّه مديون ل «زيد» بمقدار مكتوب في الدفتر بحيث يعلم به تفصيلا عند المراجعة إليه.
وفي هذا القسم وإن كان المعلوم مردّدا بين الأقلّ والأكثر إلّا أنّه حيث إنّ الذمّة مشتغلة بمجموع ما في الدفتر ، وتنجّز التكليف بذلك ، فلا ينحلّ العلم الإجمالي ، ولا يلتزم فقيه بأنّه يكفي مراجعة مقدار من الدفتر يظفر بها بالمقدار المتيقّن.
والسرّ في ذلك : أنّ الانحلال في القسم الأوّل من جهة أنّ الشكّ في الزائد عن المقدار المتيقّن شكّ في أصل التكليف ، فيرفع بأصل البراءة ، وفي هذا القسم الشكّ فيه شكّ في التكليف المنجّز الواصل [إلينا] فهو نظير ما إذا شككنا في كون القبلة في هذا الطرف أو ذاك الطرف ، فإنّه لا يجوز الاكتفاء