بالصلاة إلى أحدهما ، بل لا بدّ من الاحتياط ، فهذا القسم من قبيل الشكّ في المتباينين في الحكم وإن لم يكن منه حقيقة.
إذا عرفت ذلك ، تعرف أنّ المقام من هذا القسم ، إذ بعد ما علمنا إجمالا بوجود مخصّصات ومقيّدات ومعارضات واردة على العمومات الموجودة فيما بأيدينا من الكتب فقد علمنا بوجود التكاليف المنجّزة الواصلة إلينا بحيث يمكننا الظفر عليها عند مراجعة هذه الكتب ، فمعلومنا معنون بعنوان خاصّ غير عنوان العدد ، ولازمه لزوم الفحص ولو في شبهة واحدة باقية وطرف واحد باق من أطراف العلم الإجمالي بهذا العنوان الخاصّ ، لأنّه شكّ في التكليف المنجّز الواصل لا في أصل التكليف حتى يرفع بأصل البراءة. ولا فرق في ذلك بين المخصّصات والمقيّدات والمعارضات ، كما لا يخفى.
وأمّا الجهة الثانية : فالحقّ فيها هو جواز الاكتفاء في الفحص بمقدار يحصل به الاطمئنان على عدم وجود مخصّص أو غيره ، ولا يلزم تحصيل القطع ، لاستقرار سيرة العقلاء على العمل بمجرّد الاطمئنان ، مضافا إلى أنّ تحصيل القطع أمر عسر حرجيّ منفيّ في الشريعة المقدّسة ، ولا يكتفى بمطلق الظنّ ، لعدم الدليل على حجّيّته.
هذا ، ولكن يمكن أن يقال : إنّ أدلّة لزوم الفحص عن الشبهات البدويّة ـ مثل ما دلّ على وجوب السؤال والتعلّم ، كرواية «يؤتي بالعبد يوم القيامة فيقال له : هلّا عملت ، فيقول : ما علمت ، فيقال : هلّا تعلّمت» (١) ـ يعمّ المقام أيضا ، إذ كما أنّ الجاهل بالحكم يجب عليه التعلّم والفحص عنه ، ولا يجوز له التمسّك ب «رفع ما لا يعلمون» قبل الفحص ، كذلك من ظفر برواية دالّة على
__________________
(١) أمالي المفيد : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ـ ٦ ، وعنه في البحار ٢ : ٢٩ ـ ١٠.