فصل
إذا تعقّب العامّ بضمير يرجع إلى بعض أفراده ، كما في قوله تعالى : (الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) و (بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ)(١) حيث إنّ (الْمُطَلَّقاتُ) عامّ للرجعيّات والبائنات ، والمراد من الضمير في (وَبُعُولَتُهُنَ) هو الرجعيّات فقط ، فهل يوجب ذلك تخصيص العامّ بخصوص الرجعيّات أم لا؟
والأقوال ثلاثة : قول بتقدّم أصالة العموم في طرف العامّ ، والالتزام بالاستخدام في طرف الضمير ، كما أفاده شيخنا الأستاذ (٢) ، وقول بتقدّم أصالة عدم الاستخدام على أصالة العموم ، والالتزام بالتخصيص ، كما أفاده بعض ، وقول ثالث بعدم جريان كلا الأصلين ، ولزوم الرجوع إلى ما تقتضيه الأصول العمليّة ، كما أفاده صاحب الكفاية (٣) قدسسره.
وحاصل ما أفاده في المقام هو : أنّه حيث إنّ أصالة العموم وأصالة عدم الاستخدام وأصالة الإطلاق ، وغيرها ـ والجامع للكلّ هو أصالة الظهور ـ تكون من الأصول اللفظيّة البنائية العقلائية ، ولا تكون حجيّتها من باب التعبّد بها ، فلا بدّ من العمل بها بمقدار بني عليه عملهم يقينا ، وجرى عليه سيرتهم قطعا ، ولا يجوز التعدّي من ذلك ، وإنّما المعلوم من بنائهم واستقرار سيرتهم هو العمل بها فيما إذا شكّ فيما أريد لا فيما إذا شكّ في أنّه كيف أريد. وبعبارة
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٤٩٢.
(٣) كفاية الأصول : ٢٧١ ـ ٢٧٢.