فصل :
اختلفوا في جواز تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة بعد إطباقهم على جوازه بمفهوم الموافقة. والكلام يقع في مقامين :
الأوّل : في مفهوم الموافق ، ونعني به ما يوافق المنطوق في الإيجاب والسلب ، وبالمخالف ما يخالف المنطوق في ذلك.
فنقول : المفهوم الموافق على قسمين : أحدهما : ما يكون بالأولوية ، كما في (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(١) والآخر : ما يكون بالمساواة ، كما في «إنّما حرّمت الخمر لا لاسمه بل لإسكاره» فإنّ دلالة حرمة التأفيف على حرمة الضرب والشتم وسائر أنواع الأذى تكون بالطريق الأولى ، ودلالة حرمة الخمر ـ المنصوص علّتها ، أيّ : الإسكار ـ على كلّ مورد وجدت هذه العلّة فيه ـ كالنبيذ ـ تكون بالمساواة.
وليعلم أنّ الدلالة على المفهوم بالأولويّة أو المساواة سواء كانت بالملازمة العقليّة أو العرفيّة إنّما تكون من الدلالات اللفظيّة العرفية ، كما أنّ دلالة الجملة الشرطيّة ـ مثلا ـ على المفهوم المخالف أيضا تكون من الدلالات اللفظيّة العرفيّة ، فالمفهوم مطلقا هو ما يفهمه العرف من اللفظ من جهة الملازمة العقليّة أو العرفيّة بين المنطوق والمفهوم ، فلا وجه لما أفاده شيخنا الأستاذ من أنّ الأولويّة إذا كانت عرفيّة ـ كما في آية «الأفّ» ـ تخرج عن المفهوم ، وتدخل في
__________________
(١) الإسراء : ٢٣.