المداليل اللفظيّة (١).
وكيف كان ، فلو وقع التعارض بين العامّ وما له المفهوم من الكلام ، فلا بدّ أن ينظر في منطوق هذا المفهوم ، فإن كان بينه وبين العامّ عموم مطلق ، كما في «لا تكرم الفسّاق» وأكرم فسّاق خدام العلماء» الّذي يدلّ بمفهومه على وجوب إكرام عدول خدّام العلماء وهكذا أنفسهم ، فيقدّم المفهوم على العموم ، وذلك من جهة أنّ المفهوم من لوازم المنطوق ومن توابعه ، ولا يعقل أن يتصرّف في المفهوم من دون أن يتصرّف في منطوقه ، ففي الحقيقة يقع التعارض بين المنطوقين ، فلو كان المنطوق أخصّ مطلقا من العموم ، فلأقوائيّته يخصّص العامّ به ، ويحكم بحرمة إكرام الفسّاق إلّا العلماء وخدّامهم ، فإنّهم يجب إكرامهم مطلقا ، سواء كانوا فاسقين أو عادلين بمقتضى دليل «أكرم فسّاق خدّام العلماء».
وإن كان بينهما عموم من وجه كما إذا ورد «لا تكرم الفسّاق» ثمّ ورد «أكرم خدّام العلماء» الّذي يدلّ بمفهومه على وجوب إكرام العلماء بالطريق الأولى ، فلو قدّم العموم على المنطوق في مورد التعارض ، يختصّ وجوب الإكرام ـ الثابت في المنطوق ـ بخصوص العدول من الخدّام ، ولازمه اختصاص وجوب الإكرام ـ الثابت في المفهوم ـ بخصوص العدول من العلماء ، ولو قدّم المنطوق على العموم ، فيعمّ وجوب الإكرام ـ الثابت في المنطوق ـ للفسّاق والعدول من خدّام العلماء ، ويثبت بتبعه وجوب الإكرام للعلماء ـ ولو كانوا فاسقين ـ بالأولويّة القطعيّة.
والحاصل : أنّ المفهوم تابع للمنطوق في السعة والضيق ، فلو قدّم
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٤٩٨.