فصل
إذا تعقّب الاستثناء جملا متعدّدة ، فلا ريب في رجوعه إلى الأخيرة وأنّه المتيقّن ، وإنّما الكلام في أنّه هل يشترك غير الأخيرة معها في رجوع الاستثناء إليه أو تختصّ الأخيرة بذلك؟ ويقع الكلام في مقامين :
الأوّل : أنّه هل يمكن رجوعه إلى الجميع في مقام الثبوت أو لا يمكن؟ والثاني : أنّه هل هو ظاهر في مقام الإثبات والدلالة في الرجوع إلى الأخيرة فقط أو الجميع ، أو لا يكون ظاهرا في شيء منهما؟
أمّا المقام الأوّل : فالحقّ فيه أنّه لا ينبغي التوهّم في إمكان الرجوع إلى الجميع وإن كان يظهر من صاحب المعالم أنّه محلّ الإشكال ، حيث إنّه ـ قدسسره ـ أتعب نفسه الزكيّة ومهّد مقدّمة لإثبات أنّ وضع أداة الاستثناء عامّ والموضوع له فيها خاصّ ، وبيّن فيها أقسام الوضع (١) ، فكأنّه ادّعى مدّع وتوهّم متوهّم استحالة ذلك ، وهو أثبت إمكانه.
ولكن لا حاجة إلى هذه المقدّمة وإن كان أصل الدعوى ـ كما أفاده صاحب الكفاية (٢) ـ دعوى تامّة ، فإنّه لا موجب لتوهّم ذلك إلّا توهّم استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد ، المستحيل بزعمه وإن قلنا بجوازه في محلّه ، إذ لا شكّ في أنّ لفظ «إلّا» مثلا له معنى واحد ، وهو الإخراج ، واستعمل في هذا المعنى الواحد ، والتعدّد في ناحية طرف الإخراج لا نفس الإخراج ،
__________________
(١) المعالم : ٢٩٣ وما بعدها.
(٢) كفاية الأصول : ٢٧٣ ـ ٢٧٤.