فصل :
في جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد.
ولا يخفى أنّ هذا البحث بحث أصوليّ محض لا يترتّب عليه ثمرة عمليّة أصلا ، فإنّا إلى الآن لم نر ولم نسمع من أحد ممّن بنى على حجّيّة الخبر الواحد التوقّف في ذلك ، ومع ذلك ينبغي الكلام في بيان ما يدلّ على المرام والجواب عن الشبهات التي أوردت في المقام.
فنقول : إنّ لكلّ من العامّ الكتابي والخاصّ الخبري جهتين : جهة السند ، وجهة الدلالة ، ومن المعلوم أنّه لا معارضة بينهما من جهة الدلالة ، فإنّ المفروض أنّ الخاصّ يكون قرينة على التصرّف في العامّ ، وناظرا إليه من جهة كونه نصّا في مقام الدلالة ، أو تكون دلالته أظهر وأقوى من دلالة الكتاب بحيث لو فرضنا أنّ هذا الخاصّ كان أيضا من الكتاب ، كان مخصّصا له قطعا ، فكما أنّ مثل «لا ربا بين الوالدين» (١) لو كان آية من آيات الكتاب ، لكان مخصّصا ل (حَرَّمَ الرِّبا)(٢) قطعا ، وهكذا «نهى عن بيع الغرر» (٣) لو كان كذلك ، لكان مخصّصا ل (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٤) يقينا ولم يكن تعارض بينهما من جهة الدلالة ، كذلك لا تعارض بينهما لو لم يكن كذلك.
__________________
(١) الفقيه ٣ : ١٧٦ ـ ٧٩٢ ، الوسائل ١٨ : ١٣٦ ، الباب ٧ من أبواب الرّبا ، الحديث ٥.
(٢) البقرة : ٢٧٥.
(٣) سنن أبي داود ٣ : ٢٥٤ ـ ٣٣٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٢ ـ ١٢٣٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٩ ـ ٢١٩٤ و ٢١٩٥ ، سنن الدارقطني ٣ : ١٥ ـ ٤٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٨.
(٤) البقرة : ٢٧٥.