نعم ، هذا مختصّ بما إذا كانت القضيّة المتكفّلة لبيان الحكم قضيّة خارجيّة أو قضيّة حقيقيّة موقّتة ، كما في قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(١) وأمّا لو كانت قضيّة حقيقيّة غير موقّتة بوقت ، كما في «القاتل يقتل» فلا محذور في نسخه ولو بعد ساعة ، وذلك لأنّه في مثل هذه القضية لم يلحظ وجود الموضوع أو مجيء وقت خاصّ ، بل الموضوع أخذ مفروض الوجود ، فلو كان قتل القاتل له مصلحة في اليوم وليس له مصلحة غدا ، فيجوز للمولى إنشاؤه اليوم ونسخه غدا ولو لم يقتل أحد أحدا ، لأنّ المفروض أنّ القتل أخذ مفروض الوجود ولا يوقّت بوقت.
لا يقال : محذور اللغويّة يأتي هنا أيضا ، إذ المولى مع أنّه يعلم على الفرض أنّه لا يقتل أحد أحدا فكيف يأمر بقتل القاتل حينئذ!؟
فإنّه يقال : يمكن أن يكون نفس الأمر بقتل القاتل موجبا لعدم تحقّق القتل في الخارج ، فلا يكون لغوا. مع أنّ هذا الإشكال لا يختصّ بالمقام ، إذ مع عدم النسخ أيضا لو فرض أنّه إلى يوم القيامة لم يقتل أحد أحدا يجيء هذا الإشكال ، وإنّما هو إشكال آخر ، وهو أنّه كيف يصحّ الأمر مع علم الآمر بانتفاء شرطه!؟
الثانى : بقي الكلام في البداء ، وهو ممّا تواترت عليه الأخبار ، بل بعضها دالّ على أنّه من أعظم ما يعبد به الله (٢) ، وأنّه ما نال نبيّ منصب النبوّة إلّا بعد ما اعترف به (٣).
وما يستفاد من أخبار هذا الباب أنّ الممكنات ـ ممّا وقع وحدث وما يقع
__________________
(١) البقرة : ١٨٥.
(٢) الكافي ١ : ١٤٦ ـ ١.
(٣) الكافي ١ : ١٤٨ ـ ١٣.