لأنّ منها ما لها دخل في اتّصاف الفعل بالمصلحة ، ومنها ما لها دخل في حصول المصلحة وتحقّقه.
واشتراط القدرة في التكاليف أيضا على قسمين ونحوين ، لأنّها تارة تكون دخيلة في حصول المصلحة ووجودها.
وبعبارة أخرى : تارة يكون الفعل تامّ المصلحة من جميع الجهات ، ولكنّ القدرة تحسّن الخطاب ، وتكون شرطا في حسنه.
وبعبارة أخرى : الفعل يتّصف بالمصلحة بدونها أيضا ، كلزوم شرب الدواء للمريض ، كان قادرا أم لا ، لكن لا يحسن تكليفه عقلا بذلك عند عدم قدرته عليه ، فإنّ العقل يقبّح تكليف العاجز ، وهذا معنى القدرة العقلية ، وأغلب الأحكام تكون القدرة فيها شرطا بحسب العقل في ظرف الامتثال.
مثلا : صوم شهر رمضان (١) يكون تامّ المصلحة من أوّل الليل بحيث لو كان العبد قادرا على إيجاد اليوم في الليل والصوم فيه ، لما كان نقص في مصلحته ، ولكن حيث يكون هذا الأمر محالا وغير مقدور للمكلّف ، فلا يكون الخطاب ب «صم» حسنا من المولى ، وهذا القسم من القدرة يسمّى بالقدرة العقليّة.
وأخرى يكون للقدرة دخل في اتّصاف الفعل بالمصلحة ، كما في القدرة على الحجّ ، فإنّها دخيلة في اتّصاف الحجّ بكونه ذا مصلحة ، وغير المستطيع لا تكون مصلحة ملزمة في حجّة ، فلو حجّ متسكّعا وبعد ذلك استطاع ، لا يجزئ هذا الحجّ التسكّعي عن حجّة الإسلام ، وكما في القدرة على الوضوء ، فإنّ غير واجد الماء ومن لا يتمكّن من استعمال الماء لا يتّصف
__________________
(١) الظاهر أنّ هذا المثال ليس مثالا لهذا القسم. (م).