وضوؤه بكونه ذا مصلحة ملزمة ، والكاشف عنها أخذها في لسان الدليل ، كما في الحجّ والوضوء ، وهذا القسم من القدرة يسمّى بالقدرة الشرعية.
وهي على أقسام ثلاثة ، لأنّها تارة يكون وجودها في وقت من الأوقات ـ كالتعلّم قبل الصلاة ولو قبل حصول شرط الوجوب ـ موجبا لاتّصاف الواجب بالمصلحة في زمانه ، فالقدرة في وقت ما كافية في اتّصاف الفعل بالمصلحة في ظرفه.
وأخرى تكون القدرة في زمان الوجوب قبل زمان الواجب موجبة لذلك ، كالاستطاعة ، فإنّ حصول الاستطاعة قبل مجيء أيّام الحجّ يصير موجبا لوجوبه فيها ، والقدرة قبل مجيء أيّام الحجّ دخيلة في اتّصاف الحجّ في ظرفه وأيّامه بالمصلحة.
وثالثة تكون القدرة في زمان الواجب موجبة لذلك ، وسيتّضح الفرق بين القسمين الأخيرين عند بيان أحكامهما.
فنقول : أمّا ما كان القدرة المأخوذة فيه قدرة عقلية فلا محالة تكون المصلحة موجودة في ظرفه ، فيجب على المكلّف حفظ هذه القدرة بمعنى أنّه ليس له أن يعجز نفسه حتى يفوت الواجب في ظرفه ، وإن فعل ، كان معاقبا ، لأنّ الفوت مستند إلى اختياره ، فامتناع تحصيل الغرض في زمان الواجب يكون بالاختيار ، وهو لا ينافي الاختيار عقابا وإن كان لا يمكن تكليفه وينافيه خطابا كما عرفت في المقدّمة الأولى ، وهذا كحفظ الماء لمن يعلم بعطش مولاه غدا وعدم تمكّنه من الماء فيه ، أو عدم النوم لأن يصلّي في الوقت لمن يعلم أنّه لو نام لما يستيقظ إلى مضيّ الوقت.
وأمّا ما كان القدرة المأخوذة فيه قدرة شرعيّة ، فالقسم الأوّل منها كذلك