ولو تعلّق غرضه بالمطلق فليس عليه إلّا عدم أخذ شيء في متعلّق حكمه ، ورفض كلّ قيد يفرض فيه ، فإذا فعل ذلك ، لم يخلّ ببيانه ، وبيّن تمام مراده ، فإنّه ـ كما عرفت ـ ليس في البين إلّا احتمال التقييد ، واحتمال لحاظ بقيّة الاعتبارات خارج عن حريم المعنى ، وبعد ما كان إرادة التقييد محتاجا إلى أخذ القيد في المتعلّق بمقتضى الالتزام الثاني وتبعيّة مقام الإثبات لمقام الثبوت يتعيّن الإطلاق بلا شبهة. وهذا واضح لا سترة عليه.
المقدّمة الثالثة : عدم وجود قرينة على التعيين أو ما يحتمل قرينيّته عليه. وبعد تماميّة هذه المقدّمات يتمسّك بالإطلاق فيما إذا شكّ في دخل قيد في متعلّق التكليف.
مثلا : إذا شككنا في صحّة البيع الفارسي وعدمها ، نتمسّك بإطلاق قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) وتماميّة المقدّمات ، فإنّ البيع حيث إنّه قبل تعلّق الحكم به ينقسم إلى قسمين : الفارسي ، والعربي ، فالحكم وارد على المقسم ، والسيرة العقلائية تقتضي أن تكون الكواشف على طبق المرادات الواقعيّة سعة وضيقا ما لم ينصب المتكلّم قرينة على أنّه لم يكن في مقام البيان ، والمفروض أنّه لم يأت بما يدلّ على أنّه لم يكن في مقام البيان ، وهكذا لم ينصب قرينة على أنّ غرضه تعلّق بالبيع العربي ، فنحكم بتبعيّة مقام الثبوت لمقام الإثبات ، وأنّ البيع مطلقا ـ سواء كان بالعربي أو الفارسي ـ محكوم بحكم الحلّيّة.
بقي أمران :
الأوّل : أنّ من جملة ما يكون قرينة على التعيين الانصراف ، وهو على أقسام :
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.