والكبريت ، فإنّه لا شبهة في صدق الماء عليهما بمعناه اللغوي ، ولكنّ العرف لو عرضتهما عليه ، يشكّ في كونهما ماء ، ويبقى متحيّرا لا يدري أيّ شيء حقيقتهما.
وهذا القسم من الانصراف هو الّذي يسمّى في كلمات شيخنا العلّامة الأنصاري بالشكّ في الصدق ، ويعبّر عنه بالشبهة المفهوميّة أيضا ، ويكون من قبيل احتفاف الكلام بما يحتمل للقرينيّة وما يمكن أن يعتمد عليه المتكلّم ، ومعه لا يمكن التمسّك بالإطلاق ، كما لا يخفى.
الأمر الثاني : ذكر في الكفاية أنّ وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب يمنع عن التمسّك بالإطلاق (١).
وهو ممنوع ، لأنّ لفظ المطلق ـ كالماء مثلا ـ صدقه على كلّ من المتيقّن وغير المتيقّن على حدّ سواء ، ولا يفرق بنظر العرف في مصداقيّة الماء القليل والكثير ، وإذا كان الصدق على جميع الأفراد على حدّ سواء بنظر العرف والمفروض أنّ المتكلّم في مقام بيان تمام مراده الجدّي ـ كما هو المختار ـ فكون المتيقّن مرادا من اللفظ قطعا لا يوجب حمل المطلق عليه ، فإنّ إرادة المتيقّن لا تنافي إرادة غيره أيضا ، وبعد كون اللفظ بحسب مفهومه العرفي صادقا على غير المتيقّن كما يصدق على المتيقّن بلا تفاوت بينهما لو كان المتيقّن تمام مراد المولى ، لكان عليه البيان ، وإلّا لأخلّ بغرضه ، لما سبق من أنّ مقتضى تعهّد المتكلّم والتزامه أن يجعل مبرزه على طبق مراده الواقعي سعة وضيقا إلّا أن ينصب قرينة على أنّه لم يكن في مقام البيان ، ومن ثمّ نرى أنّ الفقهاء لا يقصرون الحكم في الروايات على موارد أسئلتها ، ولا يجعلون مورد
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٨٧.