فصل :
في مقدّمة الواجب
وتنقيح المقام يستدعي رسم أمور :
الأوّل : أنّ المبحوث عنه هو ثبوت الملازمة بين طلب ذي المقدّمة و [طلب] المقدّمة عقلا ، بمعنى أنّ المولى إذا طلب شيئا ، يجب ويلزم أن يطلب مقدّمته أيضا بحكم العقل ، فبحكمه يترشّح طلب شرعي من ذي المقدّمة ويتعلّق بالمقدّمة. وعلى هذا تكون المسألة أصوليّة ، إذ لا نعني بالمسألة الأصوليّة إلّا ما يقع في طريق استنباط الحكم الشرعي وكبرى قياس الاستنباط ، وهي كذلك ، إذ بعد ثبوت الملازمة نرتّب قياسا ، ونقول : هذه مقدّمة للواجب ، وكلّ مقدّمة تجب ، للملازمة بين وجوبها ووجوب ذيها.
نعم ، لو كان المبحوث عنه هو وجوب المقدّمة ـ كما يظهر من صاحب المعالم (١) ـ قدسسره ـ كانت فرعيّة ، لكنّ الأمر ليس كذلك (٢).
__________________
(١) معالم الأصول : ٢٥٣.
(٢) يظهر من صاحب المعالم أنّ البحث لفظي ، وأنّ المبحوث عنه هو وجوب المقدّمة ، وكلاهما قابل للتوجيه ، والآن نتكلّم في الأمر الثاني ، فنقول : إنّ ظاهر العنوان في كلام الأصوليّين هو وجوب المقدّمة ، وهو ظاهر في كون البحث عن حكمها الشرعي لا الملازمة بين الوجوبين ، ولا بأس بكون البحث عن ثبوت الملازمة أيضا ، فإنّ بعض المسائل الأصولية له جهة واحدة من البحث ، كمسألة حجّيّة الخبر الواحد ، وبعضها الآخر له جهات مختلفة من البحث على بعضها تكون المسألة من علم وعلى بعضها الآخر من علم آخر ، ومن ذلك مسألة مقدّمة الواجب ، فإنه إذا قلنا : «هل الملازمة بين الوجوبين موجودة أم لا؟» هذا يعني كون المبحوث عنه هو وجود الملازمة وعدمها ، وتصير ـ