الأوّل : أنّه اعترض في الكفاية (١) على صاحب الفصول : بأنّه لا وجه لتخصيص الواجب المعلّق بما يتوقّف وجوده على زمان متأخّر الّذي هو غير مقدور ، بل ينبغي تعميمه إلى ما يتوقّف وجوده على أمر مقدور متأخّر ، كان موردا للتكليف وواجب التحصيل ، كالطهارة بالقياس إلى الصلاة ، أو لم يكن موردا للتكليف ، كالتزويج بالقياس إلى وجوب الإنفاق لو فرض فعليّة وجوب الإنفاق قبل التزويج ، فإنّ إتيان الصلاة المأمور بها أوّل الوقت غير مقدور له ، لاحتياجه إلى صرف مقدار من الزمان في تحصيل الطهارة ، ففي هذا المقدار من الزمان الّذي يحصّل الطهارة ، الوجوب فعلي ، متعلّق بالصلاة الواجب امتثالها بعد تحصيل الطهارة وهكذا وجوب الإنفاق فعليّ تعلّق بمن يتزوّج فيما بعد.
أقول : الحقّ أنّه لا وجه للتعميم ، إذ الأمر المقدور المورد للتكليف حيث إنّه لا نزاع فيه ولا إشكال في وجوب تحصيله لا موجب لذكره في المقام ، إذ الغرض من الالتزام بالوجوب التعليقي الالتزام بوجوب مقدّمات الواجب قبل وقت الامتثال ، وهذا لا يجري فيما هو واجب التحصيل قطعا ، سواء كان الوجوب تعليقيّا أو منجّزا.
وأمّا الأمر المقدور غير المتعلّق للتكليف فإن كان من القيود التي لها دخل في اتّصاف الفعل بالمصلحة ، فلا بدّ من وجود الوجوب بعد تحقّقه و [كونه] مشروطا بوجوده ، وهذا عين الواجب المشروط ، وإن كان ممّا له دخل في وجود المصلحة فلم لا يكون واجب التحصيل مع أنّه دخيل في وجود المصلحة؟ فالأمر المقدور لا يتصوّر أن يكون غير واجب التحصيل ، ومع ذلك يكون الوجوب فعليّا متعلّقا بالمتأخّر زمانا ، فالأولى ما أفاده صاحب الفصول ،
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٣٠.