وفي وجود المصلحة ، والثاني لا ريب في عدم وجوب تحصيله ، بل لا يعقل كونه تحت التكليف حيث إنّه غير مقدور للمكلّف ، وكيف يعقل التكليف بإيجاد طلوع الفجر!؟
وإن علمنا برجوعه إلى الهيئة وشككنا في أنّه على نحو الشرط المقارن حتى يكون الوجوب مشروطا ، أو المتأخّر حتى يكون الوجوب فعليّا ، ومرجع هذا الشكّ إلى الشكّ في أنّ الوجوب والإلزام فعليّ أو مشروط ولا يكون إلّا بعد وجود القيد المتأخّر ، فمقتضى أدلّة البراءة من العقليّة والشرعيّة : البراءة حتى يتحقّق القيد ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون القيد اختياريّا أم لا.
وإن لم نعلم بأنّ القيد راجع إلى أيّتهما وشككنا في أنّه راجع إلى الهيئة على نحو الشرط المقارن حتى يكون الوجوب مشروطا ، والقيد غير واجب التحصيل ، أو على نحو الشرط المتأخّر حتى يكون فعليّا ، والقيد أيضا غير واجب التحصيل مطلقا ، أو أنّه راجع إلى المادّة حتى يكون الوجوب فعليّا و [القيد] واجب التحصيل إن كان اختياريّا ، وغير واجب التحصيل إن لم يكن ، ففي جميع الصور تجري البراءة ، إذ يترتّب على هذا الشكّ أمران : الأوّل : الشك في الإلزام والتكليف الفعلي ، والثاني : الشكّ في وجوب تحصيل القيد ، وحديث الرفع وقاعدة قبح العقاب يرفعان كليهما ، ففي جميع صور الشكّ تجري البراءة ويكون في النتيجة كالواجب المشروط ، وأن يكون القيد قيدا للهيئة وإن لم يثبت كونه واجبا مشروطا بذلك.
هذا ، وللشيخ الأنصاري (١) ـ أعلى الله مقامه ـ تقريبان في استظهار تقييد المادّة دون الهيئة :
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٤٩.