ومن التقسيمات : تقسيم الواجب إلى النفسيّ والغيري ، والكلام في مقامين :
الأول : تعريفهما.
الثاني : أنّه إذا شكّ في واجب أنّه نفسي أو غيري ، كما في غسل الجنابة ، فإنّه على قول جماعة من الفقهاء واجب نفسي ، الأصل اللفظي أو العملي ما يقتضي في المقام؟
أمّا المقام الأوّل : فالمشهور في تعريفهما أنّ الواجب النفسيّ ما يكون واجبا لا لواجب آخر ، والواجب الغيري ما هو واجب لواجب آخر.
وأورد (١) على ذلك بأنّه لا يتمّ على مسلك العدلية القائلين بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد الواقعيّة ، حيث إنّ جلّ الواجبات على هذا المسلك واجبة ، لما فيها من المصلحة الواجب تحصيلها ، فلازمه الالتزام بأنّ جميع الواجبات غيريّة.
وأجيب (٢) عن هذا الإشكال بأنّ الواجب النفسيّ ما هو واجب لا لواجب آخر ، لا أنّه ما يكون واجبا لا لشيء آخر ، والمصلحة المترتّبة على الأفعال حيث إنّها ليست تحت اختيار المكلّف وقدرته فليست بواجبة ، فلا يكون الفعل واجبا لواجب آخر حتى يكون غيريّا.
وأجاب في الكفاية (٣) عن هذا الجواب بأنّه يكفي في تعلّق التكليف وجوازه بشيء أن يكون مقدورا ولو بالواسطة ، وإلّا لما صحّ وقوع مثل التطهير والتمليك والتزويج وغير ذلك من المسبّبات التوليدية موردا للحكم الشرعي.
__________________
(١) المورد هو صاحب الكفاية فيها : ١٣٥.
(٢) انظر : كفاية الأصول : ١٣٥.
(٣) كفاية الأصول : ١٣٦.