ثمّ عدل قدسسره ـ فرارا عن هذا الإشكال ـ عنه إلى تعريف آخر (١) ، وهو أنّ الفعل إذا كان معنونا بعنوان حسن به يصير واجبا ، فهو واجب نفسي وإن كان مقدّمة لأمر مطلوب وواجب تحصيله واقعا ، وإذا كان وجوبه لأجل المقدّميّة فهو واجب غيريّ وإن كان معنونا بعنوان حسن أيضا ، كما في الوضوء ، حيث قيل : «إنّه نور وتجديده نور على نور».
واعترض عليه شيخنا الأستاذ (٢) بأنّ حسن الفعل إن كان ناشئا من الفائدة التي تكون فيها ، فهو عين الوجوب الغيري ، وإن كان هذا الحسن ذاتيّا ناشئا من مقدّميّتها لتلك الفائدة المترتّبة عليها ، فلازمه ثبوت ملاك الوجوب النفسيّ والغيري في هذا الفعل كما في صلاة الظهر ، فإنّه باعتبار أنّها مقدّمة لصحّة صلاة العصر فيها ملاك الوجوب الغيري ، وباعتبار أنّها معنونة بعنوان حسن لها ملاك النفسيّ ، فلا يصحّ التقسيم ، إذ الواجب حينئذ ينقسم إلى الغيري وما يكون نفسيّا وغيريّا باعتبارين.
هذا ، مضافا إلى أنّا نسأل أنّه هل وردت آية أو رواية دالّة على حسن الأفعال ذاتا؟ ومن أخبرنا بذلك؟ ومن أين يستكشف ذلك؟
نعم ، هذا حسن في مثل الركوع والسجود ومطلق الخضوع والخشوع والتعظيم للمولى.
ثمّ ذكر ـ قدسسره ـ أنّ الفائدة والمصلحة المترتّبة على الأفعال غير مقدورة لا بدون الواسطة ولا بالواسطة ، حيث إنّ ترتّبها كترتّب المعلول على علله المعدّة ، لا كترتّب المسبّبات التوليديّة على أسبابها ، وذلك لما ذكرنا سابقا من
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٣٦.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٦٧.