العقاب.
وبما ذكرنا من استحقاق الثواب على المقدّمة إذا أتى [بها] بداعي امتثال الأمر النفسيّ يندفع هذا الإشكال.
الثاني : أنّه لا شكّ في أنّ الطهارات الثلاث لا يكفي إتيانها كيف ما اتّفق ، كغسل الثوب ونحوه ، وإنّما تكون مقدّمة للصلاة ونحوها بما أنّها عبادة ، مع أنّ الواجب الغيري لا يعتبر في سقوطه قصد القربة وإن كان معتبرا في استحقاق الثواب.
وقد أجيب عن هذا الإشكال بأجوبة :
منها : ما أفاده صاحب الكفاية (١) ـ قدسسره ـ من أنّ المقدّمة فيها عبادة بنفسها ، والصلاة ونحوها من الغايات تتوقّف على إحدى هذه المستحبّات والعبادات ، فلا بدّ في سقوط أوامرها من إتيانها عبادة لأجل أنّها بأنفسها عبادات ، لا أنّها مقدّمات للعبادة.
وقد أورد عليه بأمور :
الأوّل : أنّه يلزم منه اجتماع الحكمين المتضادّين في أمر واحد.
أقول : هذا ليس كثير إشكال ولا يختصّ بها ، بل لها نظائر في الفقه ، كما إذا نذر أن يصلّي صلاة الليل أو حلف أن يبني المسجد ، فإنّه في صلاة الليل أو بناء المسجد يجتمع حكمان متضادّان.
وحلّه : بأنّ الوضوء مثلا يكتسب العباديّة من أمره النفسيّ المتعلّق به ، ويكتسب الإلزام من أمره الغيري ، وبالأمر الغيري يزيد ويتأكّد مصلحته غير الملزمة ، ويصل إلى حدّ الإلزام ، لا أنّه بعد مجيء الأمر الغيري يكون ذا
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٣٩.