وقد ظهر أنّه لا مانع من انحلال الأمر المتعلق بالمقيّد إلى أمرين : أحدهما تعلّق بذات المقيّد ، والآخر بإيجادها مقيّدة بكذا ، فإذا أتى بالوضوء بداعي الأمر المتعلّق بذاته ، فقد تحقّق العبادية ، وامتثل الأمر الغيري المتعلّق بالمقيّد ، ويندفع كلا المحذورين ، كما لا يخفى.
الأمر الخامس : لا ريب في أنّ وجوب المقدّمة تابع لوجوب ذيها في الإطلاق والاشتراط حيث إنّ وجوبها ترشّحيّ تبعيّ ، فالتخلّف خلف محض بعد الالتزام بالملازمة العقليّة بين الوجوبين.
فظهر فساد ما في المعالم (١) في بحث الضدّ من أنّ حجّة القول بوجوب المقدّمة على تقدير تسليمها إنّما تنهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلّف مريدا للفعل المتوقّف عليها ، إذ بعد ما تبيّن أنّ وجوب المقدّمة من تبعات وجوب ذيها ورشحاته لا يعقل الانفكاك ، ففي صورة عدم إرادة المكلّف إتيان ذي المقدّمة ، كما لا يعقل عدم وجوب ذيها واشتراطه بالإرادة ، ضرورة أنّ لازمه التخلّف وعدم الوجوب ، والإباحة ، كذلك لا يعقل عدم وجوب المقدّمة بناء على الملازمة والتبعيّة.
ثمّ إنّه يقع الكلام في أنّ المقدّمة هل تتّصف بالوجوب والمطلوبيّة فيما إذا لم يقصد التوصّل إلى ذيها ولم يترتّب عليها ، ولا يشترط شيء من الأمرين في اتّصافها بالوجوب ، كما هو مختار صاحب الكفاية (٢) ، أو يشترط كلا الأمرين في ذلك ، كما ... (٣). أو يشترط الأوّل دون الثاني ، كما عن شيخنا
__________________
(١) المعالم : ٢٨٩.
(٢) كفاية الأصول : ١٤٣ و ١٤٧.
(٣) مكان النقاط بياض في الأصل.