ثمّ إنّ المقسم لهذه الأقسام الثلاثة ليس خصوص المجتهد فقط ، بل يعمّ المقلّد أيضا ، وذلك لأنّه كما أنّ المجتهد إذا حصل له القطع يعمل على طبق قطعة ويصحّ الاحتجاج به على مولاه كذلك المقلّد لو قطع بحكم من الأحكام يجب أن يعمل على طبق قطعة ، فإنّ طريقيّته ذاتيّة له ، وبعد انكشاف الواقع له يصحّ أن يحتجّ به على مولاه ، وكما أنّ المجتهد لو لم يحصل له القطع وظنّ بالحكم من طريق معتبر من ظهور أو إطلاق أو غيره من الأمارات المعتبرة يأخذ به كذلك المقلّد يأخذ بظهور كلام مجتهده أو إطلاقه ، فإذا رأى في رسالته العمليّة أنّه كتب : إنّ شرائط الصلاة مثلا عشرة ، وشكّ في أنّه هل هناك أمر آخر غير هذه العشرة لم يبيّنه مقلّده في رسالته أو لا ، يتمسّك بالإطلاق المقامي ، ويقول : إنّه كان في مقام بيان الشرائط بتمامها ، فحيث لم يبيّن أزيد منها فهي منحصرة فيها. وهكذا إذا أخبره عدل ثقة بفتوى مجتهده ، يأخذ بقوله ، ولو شكّ في تغيّر فتوى مجتهده وعدمه ، يستصحب فتواه السابقة ويعمل على طبقها ، ولو عرف مواضع الاحتياط ولم يتمكّن من التقليد يجب أن يحتاط ، كلّ ذلك بعد أن استقلّ عقله بحجّيّة ما يرجع إليه أو قطع به أو قلّد مجتهده في ذلك ، فبعد استقلال عقله بحجّيّة الظهور أو الإطلاق ، أو أخذه حجّيّة الاستصحاب وقول الثقة والاكتفاء بالاحتياط في مقام الامتثال عن مجتهده أو قطعه بذلك فحكمه حكم المجتهد ، غاية الأمر أنّ المجتهد يأخذ بظهور كلام الإمام عليهالسلام ، وهو يأخذ بظهور كلام مجتهده.
وبعبارة أخرى : الاختلاف في مؤدّى الطريق ومورد الاستصحاب ، وإلّا فمناط الأخذ بالطريق وإجراء قاعدة الاحتياط والاستصحاب مشترك بينهما.
نعم ، المقلّد لا يرجع المقلّد قطّ إلى البراءة من الأصول العمليّة من جهة عدم تحقّق شرطه ـ وهو الفحص عن الدليل ، فإنّه دائما لا يتمكّن من ذلك ـ لا