العنوانين يتأكّد وجوب إكرامه.
فاتّضح أنّ صورة إصابة الأمارة للواقع ليس فيها كثيرة إشكال ، وإنّما الإشكال في صورة المخالفة بأن كان حكم صلاة الظهر مثلا في الواقع هو الوجوب وقامت الأمارة على حرمتها ووجوب صلاة الجمعة ، فإنّ أمر الشارع باتّباع الأمارة حينئذ جعل للحكم المضادّ للواقع ، ولا ريب في استحالة اجتماع الضدّين.
وقد ذكر لدفع هذه الشبهة وجوه :
منها : ما أفاده الشيخ ـ قدسسره ـ في أوّل بحث البراءة من أنّ اجتماع الضدّين يعتبر فيه ما يعتبر في اجتماع المتناقضين من الوحدات الثمانية أو التسعة ، فإنّ الضدّين بما هما ضدان لا استحالة فيهما ، بل استحالتهما من حيث إنّهما يرجعان إلى اجتماع المتناقضين ، إذ وجود أحد الضدّين مستلزم لعدم الآخر ، ففرض وجود السواد مع وجود البياض مستلزم لفرض وجود البياض مع عدمه ، وهو من اجتماع المتناقضين ، فإذا كان كذلك ، فكما أنّ وحدة الموضوع ، التي هي شرط في تحقّق اجتماع المتناقضين وبدونها لا تناقض في البين كذلك في اجتماع الضدّين ، فوجود السواد في موضوع مضادّ لوجود البياض في ذلك الموضوع لا في غيره.
وعلى هذا لو كان موضوع الحكم الواقعي والظاهري واحدا ، فالأمر كما ذكر ، ولكنّه ليس كذلك ، فإنّ الموضوع في الحكم الواقعي هو ذات المكلّف به والفعل ، وفي الحكم الظاهري هو عنوان المشكوك وما لا يعلم حكمه الواقعي ، فاجتماعهما ليس من اجتماع الضدّين في شيء (١).
__________________
(١) فرائد الأصول : ١٩٠ ـ ١٩١.