إنّه أخذ في موضوعه الشكّ من جهة كونه موجبا للحيرة في الواقع وعدم كونه منجّزا له ـ لا يضادّ الحكم الواقعي ، بخلاف ما إذا أخذ الشكّ في موضوعه من جهة كونه صفة نفسانيّة ، فإنّه لانحفاظ الحكم الواقعي عنده لا يرتفع به غائلة التضادّ ، وكما أنّ للعلم جهتين : إحداهما : جهة كونه صفة نفسانيّة ، والأخرى : جهة كونه موجبا لرفع التحيّر كذلك للشكّ في الحكم الواقعي أيضا جهتان : جهة كونه صفة نفسانيّة ، وجهة كونه موجبا للحيرة وعدم كونه واصلا إليه. وهذا ممّا لا ريب فيه (١). هذا خلاصة ما أفاده ـ قدسسره ـ بحذف زوائده.
وهو في موارد الأمارات والأصول المحرزة تامّ غير قابل للإنكار ، لكنّه في موارد الأصول غير المحرزة ـ كأصالة الاحتياط والبراءة ـ لا يمكن المساعدة عليه.
أمّا ما ذكره من كون إيجاب الاحتياط في صورة المخالفة حكما صوريّا لا حقيقة له ، ففيه أوّلا : أنّه مناف لإطلاقات أدلة الاحتياط مثل : (لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(٢) «وقف عند الشبهة» (٣) وغير ذلك ممّا استدلّ به على وجوب الاحتياط.
وثانيا : لازمه أن لا يصير فعليّا أبدا ، فإنّ الحكم الصوري الخيالي لا يجب امتثاله ، وما يجب امتثاله ـ وهو الحقيقي ـ مشتبه بين الشبهات من حيث الشكّ في كونه مصادفا للواقع أم لا ، والشبهة موضوعيّة ، أي مورد اشتباه وجوب الاحتياط بين كونه مصادفا واجب الامتثال أو مصادف لا يجب امتثاله.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٧٤ ـ ٧٩.
(٢) الإسراء : ٣٦.
(٣) الوسائل ٢٠ : ٢٩٥ ، الباب ١٥٧ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٢ ، وفيها : «قفوا ...».